لا تخلو الحياة من منغصاتٍ تكدر صفو أيامها، ومن مشكلاتٍ وأحداثٍ قد تعصف بذلك الهدوء الذي يرجوه المرء.
وأيّاً ما كان نوع هذه المشكلة التي يواجهها الإنسان، فإن أفضل طريقةٍ لتجاوزها أن يقول المرء لنفسه: “أنا المشكلة”.
فحالما ترى نفسك على أنك المشكلة تستطيع أن ترى نفسك على أنك الحل.
وهذا مايسمى بـ “الاستبصار” الذي قلَّما تجده عند الناس، فعند استخدام هذا الاستبصار يتبين لك أن طريقة تفكيرك وصورتك الذهنية وتوقعاتك كانت هي العائق الأكبر أمام تقدمك ونجاحك.
فعبر طريقة رؤية أنفسنا كضحايا لمشكلاتنا نفقد القدرة على حلها وأننا بذلك نطفئ إبداعاتنا عندما نقول: أن مصدر المشكلة موجود خارجنا.
ولكن بمجرد استخدامنا لطريقة الاستبصار “أنا المشكلة” تنتقل طاقة عظيمة من خارجنا إلى داخلنا، وعندها نستطيع أن نكون نحن الحل لتلك المشكلة.
فالشاب الذي تقدم لوظيفةٍ ما ولم يتم قبوله، إنه وفق ما تعود عليه الكثير من الناس سيبدأ في لوم تلك الجهة التي قدّم عليها، والتشكي سراً وعلانية، وينتهي به الحال إلى السؤال المعتاد: أين السعودة؟
في حين لو أنه أدرك أنَّ هناك ثمة قصور لديه وبدأ في تجويد معارفه ومهاراته وتطوير نفسه وعمل جاهداً في سبيل ذلك لكان خيراً له.
وحال هذا الشاب يذكرنا بحال ذلك الرجل الذي أخفق في مشروعه التجاري وذهب إلى إسقاط فشله إلى منافسة الأجانب واحتكارهم للسوق ولن يقف به الحال حتى يبدأ يهمس لخاصته ممن يثق بهم أنّ هناك أمراً ما يُحاك في الخفاء لإفشال مشروعه.
وهذا الرجل لو أنه تدبر أمره وتدارس مشروعه جيداً؛ لكان ذلك أدعى لإصلاح شأنه والعودة من جديد لتجارته ومباشرة عمله بهمةٍ ونشاط.
إنه من السهل على المرء ممارسة اللوم وإسقاط أسباب مشكلاته على عوامل خارجية من أناس أو أحداث، ولكن هذا الطريق السهل لا يسلكه إلا من لم يتعرف على مواهبه ومدى ما يتمتع به من قدرةٍ تُمكنه من حل مشكلاته بنفسه.
في حين نجد أن من امتلك وعياً ذاتياً اتسم بتحمل المسؤولية الكاملة عن حياته، ولم يكن في حاجةٍ إلى اللجوء إلى التذمر والسخط مما قد يمر به من أحداث.
ذلك الوعي الذاتي مَنَحه قدرةً جديدةً وصار حراً في حين أن غيره لا يزال قيد الأسر؛ نتيجة لطريقة تفكيره السلبية.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
Solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي