قد لا يُعير أحدنا مشبك الورق أي اهتمام لكن حين تتكدس لدينا الأوراق ونحتاج إلى تجميعها وتصنيفها دون أن نتسبب في ثقبها فلن يساعدنا شيء مثل مشبك الورق . هذا الاختراع الصغير نقل جون فاليير ليصبح رمزاً قومياً لوطنه حيث أقام النرويجيين له نصباً تذكاريا يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار على شكل مشبك ورقي . والآن بلايين من هذا المشبك الورقي يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم .
يسبق الإبداع حلم المبدعين والعظايم أصلها ومضات فكرة
مطلع لأبيات قالها الوزير خالد الفيصل في مهرجان توزيع جوائز الاولمبياد الوطني للإبداع العلمي والذي تنظمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والذي يسعى في مجمله لتنمية روح الابداع لدى الناشئة في المجالات العلمية والتقنية واكتشاف المواهب والملكات الفكرية وتطوير مواهب الطلبة عن طريق حثهم على التعلم والتطوير الذاتي عبر التنافس الشريف في مسار البحث العلمي أو مسار الابتكارات العلمية من خلال تقديم مشروع في أحد مجالات الأولمبياد ويتم تحكيمها من قبل أكاديميين مختصين لتحديد المشاركة الأفضل وفق معايير محددة للتأهل إلى مراحل متقدمة .
ولك أن تعلم أن عدد المسجلين في برنامج موهبة للعام (1435هـ -2014 م ) قد بلغ أكثر من 116000 طالباً مشاركاً وبلغ عدد المدارس المسجلة أكثر من 7500 مدرسة . ويقام الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي سنوياً على شكل مراحل متتابعة على مستوى المدارس ثم على مستوى المناطق التعليمية تم المرحلة النهائية على مستوى المملكة للتأهل للمشاركات الدولية وتمثيل المملكة عالميا في أحد المعارض الدولية كمعرض أنتل للعلوم والهندسة والذي يقام سنويا في أمريكا بمشاركة معظم دول العالم وقد حقق طلاب المملكة عدة جوائز في هذا المعرض .
وهذه التظاهرة العلمية وهذا الاحتفاء الكبير بالمبدعين والمخترعين هو ما تصنعه المجتمعات المتقدمة لأجيالها أما مهرجانات التراث ومزايين الإبل فلا تُخرج باحثا ولا تصنع عالما .إن ما ينفق على تلك المهرجانات والاحتفالات من أموال كان الأولى أن ينفق على برامج وملتقيات رعاية الباحثين وتشجيع المخترعين.
إن دعم الموهبة والموهوبين مسؤولية مشتركة تبدأ من الأسرة بتشجيع أبنائها على القراءة حتى تكون عادة يومية . إن لحظة الالهام لفكرة رائدة هي لحظة سبقتها ساعات طويلة من القراءة .
ما أود الوصول إليه هنا هو غياب مدارسنا في المحافظة عن المشاركة في الاولمبياد الوطني للإبداع العلمي وأنا على يقين أن مدارسنا تحتضن الكثير من الطاقات الشابة من الموهوبين والمبدعين وهم في حاجة إلى من يرعاهم ويحفزهم على المشاركة ويهيئ لهم الفرص لخوض غمار المنافسة وتقديم ابتكارات تخدم البشرية . ومن المؤكد أن القدرات العقلية العالية لم تختص بها أمة دون سواها ولكن الفرق يكون في قدرة هذه المجتمعات على صناعة المبدعين وتهيئة البيئة المناسبة لهم .
ولعل هذه السطور تثير اهتمام المسؤولين في التربية والتعليم وقادة المدارس في محافظتنا الغالية للاهتمام برعاية الموهوبين في مدارسنا والبدء بافتتاح أندية للطلاب الموهوبين في المدارس . لعل شمس حضارتنا التي غابت دهرا طويلا تشرق ثانيةً على إبداعات جيل اليوم.
عبدالرحمن مصلح المزروعي – مرشد طلابي بالمرحلة الثانوية
مقــالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب