المرايا

في أغلب علاقاتنا نقوم بالتركيز على أنفسنا، وننبهر بتأثيرنا على الآخرين، ونراقب باستمرار ما قد يحسبه الآخرون فينا، وكأن الواحد مِنّا محاط بالمرايا، بينما لو نظرنا لهذه العلاقات بنظرة العطاء؛ لوجدنا أمرين مهمين:
الأول: أنّ تحفيز نفسك يبدأ حين تمنح شخصاً آخر الأفكار اللازمة لتحفيزه ودعمه ومساندته ومشاركته الفضاء الذي يفكر فيه ويشغل ذهنه.
والأمر الثاني: أنه يمكنك الحصول على أية خبرة تريدها في الحياة عن طريق منح تلك الخبرة إلى شخص آخر.
والمتأمل في العلاقات الإنسانية يجد أن الخجولين هم أكثر المهووسين بأنفسهم على الأرض؛ لأنهم شديدي التركيز على أنفسهم.
إنه عندما ننقل تركيزنا إلى الطرف الآخر في علاقاتنا؛يحدث أمرٌ قوي فيه مفارقة عجيبة لم نعهدها من قبل، وهي أننا ننضج أكثر وتبلغ علاقاتنا الرشدَ بنسيان أنفسنا.
ولعل هذا التركيز، وذلك الرشد يتناغمان مع خُلق إسلامي رفيع وعميق في علاقاتنا نجده جلياً في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “… والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.
وهذا العون يتجاوز المادية إلى ماهو أعمق تأثيراً وأكثر نفعاً في علاقة الإنسان بأخيه،وهو ما يسمى بالإلهام.
وهذا الإلهام هو الذي أشار إليه سبنسر جونسون مؤلف كتاب “بيّاع الدقيقة الواحدة” وسماه بالمفارقة الرائعة في قوله:
“وأنني أمرح كثيراً، وأُحقق نجاحاً مالياً أعلى عندما أَكفُ عن محاولة الحصول على ما أريده، وأبدأ في مساعدة الآخرين على مايريدونه”
فإذا أردت أن تحدث نقلةً نوعيةً في علاقاتك مع الآخرين، وتكون محفزاً، وصاحبَ أثرٍ طيبٍ، وذكرَ خيرٍ،أشرْ لمن حولك إلى مواطن القوة فيه،وقدِّمْ له الدعمَ والتشجيع، وأرشده إلى التحفيز الذاتي، وراقِبْ ما سيفعله ذلك بك.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

11 تعليق على “المرايا

رائدة القحطاني

تعليقي بهذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم (والله في عون العبد ماكان العبد في عون اخيه )

خبرة تربوية

إحترام وتقدير العلاقات المهمة بشكل ما . في كل فرصة مواتية، فكل يوم لديك الفرصة لتجعل علاقتك أجمل وأعمق من خلال لفتة صغيرة لإظهار تقديرك ومودتك، وتذكر أن جعلَ شخصٍ يبتسم ابتسامة واحدة يمكن أن يغير العالم، ربما لا يغير العالم كله، ولكن عالمك وعالمه، لطفك وامتنانك له أثر حاسم على علاقاتك.✍🏻
اكتفاء راقي كرُقي حضورك المبهر أستاذنا الفاضل دام لنا قلمك ينبض بكل جديد سلمت أناملك✍🏻

كاميليا البلادي ،،اخصائية نفسية

ماشاء الله تبارك الله ، رائع ما كتبته متميز الطرح دائما وأبدا ،هي حقيقة نحن نجني ما نحصده إنها غلات العطاء عندما نحصد بذرة نجني ثماراً كثيرة وأيضا عندما نعاون أو ندعم شخصا فكريا أو عاطفيا أو اجتماعيا بأن نوجهه لنقاط القوة فيه ونساعده في لمس الجمال الذي أودعه الخالق فيه مما يزيده محبة لذاته و قبولا لذاته و ازدياد ثقته بنفسه وشعوره بالسعادة والرغبة في النجاح فإن هذا الدعم والإلهام سيعود لنا مضاعفاً على هيئة مانحب وما نريد وما يسعدنا سواء كان قبولا اجتماعيا أو تحقيق نجاح ومشاعر طمأنينة وتناغماً داخلياً

سليمان مسلم البلادي

ا.رائدة القحطاني.
عاطر التحايا لتعقيبك المفيد.

سليمان مسلم البلادي

خبرة تربوية.
ممتن لكريم التعقيب وود الكلمات.

سليمان مسلم البلادي

ا.كاميليا البلادي. الاخصائية النفسية.
شكراً لهذا الثراء المعرفي الذي ازدان به المقال.

متعب الصعيدي

دائماً تدهشنا بما تكتب
وتأتي بدرر فريدة
مقال متميز كالعادة وأعجبتني الفقرة الأخيرة التي هي بمثابة توصية : “فإذا أردت أن تحدث نقلةً نوعيةً في علاقاتك مع الآخرين، وتكون محفزاً، وصاحبَ أثرٍ طيبٍ، وذكرَ خيرٍ،أشرْ لمن حولك إلى مواطن القوة فيه،وقدِّمْ له الدعمَ والتشجيع، وأرشده إلى التحفيز الذاتي، وراقِبْ ما سيفعله ذلك بك.”

محمد الصحفي

هذا النوع من المقالات هو الذي يستحق القراءة والتأمل
بورك فيك أخي المستشار سليمان
أنت مدرسة يجب أن يتعلم منك الآخرون
واصل لا عدمناك

زكيه عبدالله طيب

التميز في الحوار وفتح أبواب للعلاقات مع النفس ومع الآخرين . أسلوب راقي جدا يكشف لنا أسرار النفس والوقوف على ماتمتلكه من قدرات ومواهب وميول نستطيع إستخدامها لتقويه هذه العلاقات..
وللعلاقة مع الآخرين طعم خاص نكتسب منهم العلم والمعرفة والخبرة والمشاعر الإيجابية نتأثر ونؤثر في وقت واحد .. تكون لنا حافزا للعطاء المتبادل وتدفع بنا إلى تحقيق الأهداف بتسارع ومهنية وجودة عالية.
شكرا سعادة المستشار سليمان على جميل الطرح

محمد الصحفي

نتمنى لكاتبنا القدير المستشار سليمان البلادي الصحة والعافية
وأن يتجاوز الوعكة الصحية التي يمر بها بسلام
ألف لا بأس

سليمان مسلم البلادي

ا.متعب الصعيدي.
ا. محمد الصحفي.
د. زكية طيب.
لكم جميعاً عاطر التحايا ووافر الود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *