قضيتُ عشرةَ أيامٍ في المستشفى؛ لإجراء عملية جراحية تكللت -ولله الحمد والمنة- بالشفاء.
فكانت هذه الروشتات والتي كأنها خيول فكرٍ أُسرجتْ؛ لِنَعبُر سوياً إلى فجر لقاء الفكر والحرف، وننسج منه أفقاً جديداً لكتابة تأملات؛ لننطلق نحو مطلع لهفة فكر حياتنا.
– الروشتة الأولى:
إنَّ من أجل النعم، نعمة الامتنان.
فامتنْ لمرضك؛ فهناك ثمة خير ستدركه؛ إنْ سلمتَ أمرك لخالقك.
- الروشتة الثانية:
إنَّ في أقدارنا لطفٌ خفي ووجه وضيء لا يصافحه إلَّا من سُكِبتْ الحكمة والبصيرة والنور في سويداء قلبه.
- الروشتة الثالثة:
قد ترى أنَّ ما أصابك هم أعظم الخطب وأكبر المحن، لكن ثِقْ أنَّ هناك من مُصابه أعظم منك.
ليلة دخولي المستشفى، وفي مكتب الدخول هالني منظر الرجل الكهل على كرسي متحرك بقدم مكسورة والأخرى تكاد تلحق بأختها.
حينها حمدتُ الله أنَّ لديَّ قدمان سليمتان.
- الروشتة الرابعة:
في المرض يظهر معدن أخلاق المرء، فهو بين أمرين:
الأول: عتابٌ شديد لمن لم يسأل عنه، أو يتواصل معه.
الثاني: دعاءٌ لمن يعرف بألَّا يكتب عليهم سوءات المرض وصروفه.
- الروشتة الخامسة:
في المرض لحظات من الخلوة والمناجاة الذاتية، متى ما استثمرها المرء في مصافحة الخير في قدره الذي كُتِبَ عليه؛ كان ما أصابه -وإنْ أوجعه- أمر خير له، وأبعده عن التذمر والتضجر.
– الروشتة السادسة:
عجلة الحياة مستمرة، ولن تتوقف عند موت أو مرض أحد.
والناس لديهم أولوياتهم، وعندهم ما يشغلهم.
وليس بالضرورة أنْ تكون أنت من أولوياتهم.
- الروشتة السابعة:
امنحْ الخير والحب والفضيلة والجمال قبل وأثناء وبَعد المرض، ولا تنتظر الأجرَ والمثوبةَ إلّا من خالقك عزَّ وجل.
– الروشتة الثامنة:
حتى وإنْ دخلت رحلة مرضك ضعيفاً مكسوراً مهموماً، عليك أنْ تكون لديك العزيمة في أنْ تخرج من هذه الرحلة قوياً شديد البأس يمتلئ قلبك بالبهجة والسعادة؛ فربك الكريم المنّان اللطيف الرحيم معك ولن يتركك، وسيمدك بكل خير لك.
– الروشتة التاسعة:
كما كنت في مرضك تتلقى الأمصال والمضادات؛ لتقوية جسدك ومنحه القدرة الكافية لمواجهة جيوش المرض، عليك أن تحقن روحك بأدبيات وتوجيهات ديننا الحنيف في كيفية تعامل المسلم مع إخفاقات الحياة وعثراتها عامةً، ووخزات المرض ومنغصاته.
– الروشتة العاشرة:
اهتمْ بصحتك حتى وإنْ كَثُرتْ مشاغلك وارتباطاتك فكل إنجازاتك ستأتي -إن شاءالله- في حال توفر صحةٍ جيدة.
في حين لو تجمعت كل أسباب النجاح لتلك الإنجازات؛ فلن تتحقق في حال غياب الصحة الجيدة.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي