يعتبر الحوار الداخلي هو الحوار الصادق الذي تجريه مع نفسك بشأن كل ما يجري في حياتك.
إنه يشمل كل حديثك لنفسك وكل كلمة فيه سواء أكانت إيجابية وعقلانية أم سلبية ومدمرة للذات.
وتكمن قوته في أمرين:
أولهما، أنه لا يستطيع أحد أن يسيطر على هذا الحوار إلا أنت.
وثانيهما، في كونه يساهم مساهمة فاعلة في تشكيل عجينة ذواتنا.
ولأن الحوار الداخلي ثابت وموجود دائماً، فإنه قد يصبح في أقصى حالاته قوة هائلة إيجابية مؤثرة في حياتك، وقد ينتج عنه دمار كبير رغم أنه دمار تراكمي وبطيء ولا يكاد يُلحظ.
إن التعرض اليومي للحوار الداخلي السلبي يُكوّن بيئة داخلية سامة تعيقك عن التقدم والازدهار، وتشكل عاملاً مهماً في تعرضك للإحباط والكثير من الأمراض الجسدية والنفسية.
إنه حتى أسوأ أعدائنا لا يتحدثون عنا بالطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا في حال كان حوارنا الداخلي سلبياً.
وهذا الحوار الداخلي أشبه برفيقٍ بغيض الذي يعيش برأسنا، إنه يتغذى على إحباطنا وعلى تدعيم عدم استقرارنا وشكوكنا.
وليت التقنية الحديثة تسعفنا باختراع نستطيع ايصاله بأدمغتنا؛ليسجل كل ما نقوله لأنفسنا.
حينها سنستطيع معرفة كم هو مهم أن نوقف حديث هذا الحوار السلبي.
إن تهذيب ذلك الرفيق البغيض الموجود برؤوسنا يتطلب منا إعادة صلتنا بذواتنا،ومعرفتها معرفة عميقة تسبر أغوارها.
كذلك يتطلب منا إعادة تعريف النجاح ومفاهيمه، وأن نعي جيداً كيف نعيش حياة ذات مغزى ومعنى.
كذلك يساهم حسن الفكاهة في مساعدتنا على التعامل الجيد مع ذلك الرفيق البغيض.
إن السماح لذلك الحوار الداخلي بالتعبير عن نفسه والتحاور معه على نحو فعّال سيُشكل فارقاً جوهرياً في تضييق المساحة التي يتمدد فيها،ومن ثم استبدال مفردات وعناصر ذلك الحوار السلبي بأفكار ومكونات إيجابية ستعمل على مزاحمة تلك التصورات الذهنية السلبية وهو ما يسمى “بقانون المزاحمة”!
كذلك مايساعدنا على طرد هذا الرفيق البغيض قاعدة “التخلية ثم التحلية” وذلك ألا يكون هدفنا هو التخلي عن العادات السلبية وحسب،وإنما أن يكون هدفنا هو استبدالها بعادات ذهنية ايجابية جديدة تساعدنا على التقدم والنجاح.
وأخيراً، فإن الوعي بوجود ذلك الرفيق البغيض برأسك،ومايشكله من دمار لحياتك يُعتبر حجر الزاوية في التعامل مع حواره الداخلي الذي يسيطر على عقلك.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي