تخلّص من سمعتك!

إن التواصل مع الروح يعني الإنصات إلى قلبك وتصرفك بناءً على ما يمليه عليك صوتك الداخلي.
أما إنْ كان شغلك الشاغل هو نظرة الآخرين لك؛ فهذا يعني أنك قد فصلت نفسك عن الروح، وسمحت لآراء الآخرين بأن تقودك. وهذا هو عمل الأنا، وهذا هو الوهم الذي يفصل بينك وبين قوة الروح. وفي هذه الحالة ليس هناك ما يمكنك عمله إلا أن تنفصل عن قوة الروح، وأن تذعن بأن هدفك هو أن تثبت للغير مدى قدرتك على التفوق والقيادة، وأن تبذل طاقتك في محاولة؛ لكسب سمعة رنانة بين غيرك من أصحاب الأنا المتضخمة.
وحتى تخرج من هذا المأزق الذهني ما عليك فعله، هو أنْ تتصرف من منطلق ما يمليه عليك صوتك الداخلي، وأنْ تبقى دائماً في حالة تواصل وامتنان لخالق الروح الذي يرشدك، وافْصلّْ نفسك عن النتائج، وتحمل مسئولية ما هو كامن بداخلك، فهذه هي شخصيتك، ودع سمعتك للآخرين؛ دعهم يتناولونها وفق أهوائهم؛فهي لا تخصك بحال.
والإنسان الواعي يتجاوز مسألة سمعته لدى الآخرين، ولا يقف عندها.
إن الشخص الذي يشعر بأن لحياته معنى ينطلق من عقيدة إسلامية؛ يتسم بأفضل السمات البشرية على الإطلاق.
إننا في الحياة نواجه فيضاً من الخيارات المتاحة أمامنا؛ مما يُبقينا في حالة تساؤل دائم عن الشيء الصحيح، أو الاختيار الصحيح الذي يجدر بنا أن نُقدم عليه.
ولعل هذا التساؤل يقودنا إلى فكرة مفادها، أنه بما أنك قد جئت إلى هذه الحياة صفر اليدين، وسوف تخرج منها خالي الوفاض؛ فيمكنك أن  تتخلى عنها تماماً -وعلى رأسها سمعتك- سوف تشعر بحس الغاية في أسمى صورة عندما تتخلى عن حياتك، وتنحيها جانباً لخدمة الآخرين ابتغاء الثواب من رب العالمين. فعندما تمنح الآخرين؛ سوف تمتلك حس الغاية.
ومهما يكن ما وقع اختيارك عليه، فإنك إنْ استشعرت دافع خدمة الآخرين، بينما تعيش حالة انفصال حقيقي عن النتائج؛ فسوف تشعر بالغاية؛ بغض النظر عن مقدار ما يتدفق إليك من وفرة فيّاضة في المقابل.
اسمحْ لنفسك بأن تتواجد في مجال مشاعرك الواعية التي لا تعبأ بالاختيارات المهنية، والأشياء التي يجب عليك إنجازها. فأنت عندما تعيش في خدمة الآخرين وفق منهجٍ معتدل قويم أساسه منهاج رباني، أو عندما تشيع الطيبة خارج حدودك الذاتية؛ سوف تتواصل مع الروح، وسوف تشعر بالسعادة والرضا؛لأنك سوف تدرك أنك تفعل الصواب، وليس من أجل سمعتك، وما سيقوله عنك الآخرون.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “تخلّص من سمعتك!

أبوعابد

كلام كبير يحتاج إلى دراسة وتأمل وتفكير طويل
ألف شكر على المقال المتميز جداً

أحمد بن مهنا الصحفي

فعلا كما قال أخي الذي سبقني بالتعليق ، كلام يحتاج إلى تفصيل ، فالنفس لها احتياجات فطرية ، فإذا قلنا أن طلب السمعة وجعلها هي الهدف ، فذلك مراد قريب يتحقق سريعا ، ثم لا مدخر يبقى له ، وإذا قلنا أنه مشمول متضمن ، و حصل بطبيعته فهو من عاجل البشرى ، وإذا تناقل الناس ذكرا طيبا لشخص ما فهو من الشهادة له فالناس شهود، وإذا أراد الإنسان اختبار نفسه في إخلاص عمله فلينظر هل يستوي عنده المدح والذم بسببه ؟
ومن سما بهدفه لاشك سيخترق صعودا كل الأهداف دونه ، ومنها مايتبعه منقادا في غير اهتمام منه لها ومنها مالا يتوافق مع طريقه أو يتأخر لسبب أو لآخر لكنه لايهتم بها فهو مشغول بسامي أهدافه وقد جاء في الأثر مامعناه ( من طلب الآخرة أتته الدنيا وهي صاغرة)
فعلا با أستاذ سليمان مقالك ضخم في أسطر قليلة
دمت موفقا . تحياتي لك وللجميع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *