يمر الإنسان في حياته بمواقف عدة، وأحداث كُثر، وتتفاوت استجابته، أو ردة فعله حسب إدراكه وتصوره عن تلك المواقف أو الأحداث، وهذا الأمر قد يكون متغيراً،لكن الثابت فيه أنَّ الإنسان يمر بما يسمى بـ “سِلّم الذوات”، أسفل هذا السلم مرتبة “الجسد”، وأوسطه “القلب”، وأعلاه”العقل”.
ويمكننا صعود ذلك السلم أو هبوطه -بعد توفيق الله تعالى- بقوة الوعي، وإرادة المعرفة، مع أنَّ أغلب الناس لايعلمون أنَّ بإمكانهم فعل ذلك.
فالإنسان الذي يصبح ويُمسي عبداً لشهواته، أسيراً لهوى نفسه؛ لن يبرح مكانه في درجة “الجسد” من ذلك السلم. فهو حتى وإنْ صعد درجةً؛ ستغبله نفسه وملذات الحياة، فينكص إلى تلك الدرجة؛ فهو لايستطيع كبح جماع رغباته لافتقاره الوعي الكافي الذي يُمكنه من تجاوز الدرجة التي يقبع فيها.
أما الإنسان الذي يسكن درجة “القلب” من سلم الذوات، فهو إنسان سَلَّمَ حياتة لأحاسيسه ومشاعره وأطلق العنان لها في هذا الفضاء، فمرد كل شيء عنده إلى ما يشعر به وما يحس تجاهه.
وأما مَن دَرَّبَ نفسه على التفكير؛ فتجده في درجة “العقل” من ذلك السلم، لكنه قد يجنح كثيراً إلى تمجيد العقل، وإعماله في كل الأمور، وأغفل مسألة النظر إلى جوانب أخرى تُعينه في قراءة الحياة بتوازن واعتدال.
إنَّك إذا استطعت أن تتخيل ذلك السلم، وأنْ تُلاحظ أنَّ الإنسان الذي يدع واحدةً من ثلاثية السلم “الجسد، القلب، العقل” تقوم بقيادة حياتة متفردة عن أخواتها؛فإن ذلك مجانبة للصواب، وابتعاد عن بشريتة.
فعلى الإنسان أن يوازن بين كل ذلك، ويسعى إلى الاعتدال، وألّا يرجح جانباً على آخر.
فعلى سبيل المثال، لو أنّ رجلاً بَدَرَ منه تصرفاً سيئاً تجاهك؛ ستتصرف بناءً على الدرجه التي ستكون عليها.
فتميل إلى الاعتداء الجسدي إن كنت في درجة “الجسد”.
ويتكدر صفو حياتك، وتلقي عليه كلمة طويلة عن فداحة سلوكه، وخطأ أسلوبه إنْ كنت في درجة “القلب”، وتكون كلمة هادمة بدلاً من أن تبقي جسراً للتواصل.
أما إذا كنت في درجة “العقل”؛ فيمكنك أن تفكر، وتُعمل عقلك في حسابات منطقية توافق العقل، وينفر منها القلب.
أما من رَوُّضَ نفسه على التوازن بين الثلاث درجات؛تجده يُعمل العقل والحس والروح معاً، كل ذلك في حدود الدين الإسلامي، وليس بإطلاق دون قيد.
فعلى المرء أن يكون واعياً، ويجعل الاعتدال منهجاً لحياتة، والوسطيه سمةً لسلوكه ومجالات فكره ومعتقداته، والتوازن مسلكاً لكافة نواحي الحياة.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي