يظن أكثرنا أنَّ حياتنا تتراكم، ونظن أنها تزداد في اتجاهٍ ما، ونتخيل أنَّ حياتنا متصلة ببعضها كقطارٍ طويل، وبذلك لابد أن نضيف إليها مقطوراتٍ جديدة عندما نشعر بأنْ الوقت مناسب، ونهمل المقطورات الأخرى عندما لا نشعر بذلك.
بينما الإنسان الواعي المدرك لعمق الحياة يجعل من كل يومٍ عنواناً لحياته، وهو بهذا الوعي يدرك شيئاً عميقاً قد لا يصله غيره، وهو أنَّ الحياة هي الآن، وليست لاحقاً، كما أنها ليست -بطبيعة الحال- ما مضى منها.
إنه كلما نَوّمنا أنفسنا بالتفكير في أنْ لدينا كل الوقت لفعل مانريد، فَوُّتنا على أنفسنا الفرص الأفضل في الحياة، ومن هنا يأتي وعيك ليجعلك تُوُلي اهتماماً كبيراً بيومك الذي تعيشه.
وهذا الأمر يجعلك -وأنت تخلد إلى النوم في كل ليلةٍ-مُصَاحِباً لفكرةٍ تسكنُ ذهنك مفادها: “كنت اليوم في أفضل حالاتي”.
والناظر لحالنا؛ يجد أنَّ معظمنا لايريد أن يصبح كذلك، فلو سألنا أحدهم عمَّا إذا كان اليوم يصلح لأن يكون أنموذجاً نقيس عليه باقي حياتك؟
لصاح قائلاً : “كلا! فاليوم ليس أحد أفضل أيامي، أعطني سنةً أو سنتين، وسأحيا يوماً يمكن أن يكون الأفضل في أيام حياتي.
إنَّ مفتاح التحول الشخصي والنقلة النوعية الواعية لأي إنسان تكمن في إرادته -بعد توفيق الله تعالى- أن يقوم بأشياء صغيرة، ولكن يقوم بها اليوم.
فليس التحول لعبة “كل شيء أو لا شيء”، لكنه عمل مستمر، لمسات هنا وهناك تجعل يومك -وبالتالي حياتك- عظيماً.
فاليوم أنموذج مصغر لحياتك، وحياتك كلها في يومك عبارة عن “منممة”؛ فلقد “ولدت” عندما استيقظت، وسوف “تموت” عندما تذهب إلى النوم.
لقد صُمِّمَ يومك على هذا النحو، فاحفظْ الله تعالى فيه، وانطلق نحو يومك وعِشِّه بكل تفاصيله الصغيرة، واجعله أفضل أيام حياتك.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي