تكتظ حياتنا بعددٍ وافر من الناس منهم القريب، ومنهم البعيد، ومنهم مادون ذلك، ويُشكل هؤلاء الناس ثلاثة أنواع في حياتك:
أولهم: الذين يتركونك وحدك.
وثانيهم: الذين يساعدونك.
وثالثهم: الذين يجرحونك.
فأما الناس الذين يتركونك وحدك، فهم يتعاملون مع معاناتك على أنها أمر مزعج، أو منغص لهم؛ فيفضلون أن يبقوا على مسافة معك؛ لكي يشعروا بحالٍ أفضل حيال أنفسهم.
وأما الذين يساعدونك، فهم يتحلون بالقوة والوعي للاستجابة مع معاناتك بطريقة أفضل من استجابتك معها منفرداً.
وأما الذين يؤذونك، فهم يريدون بقاء الحال على حاله؛لأن مصلحتك لا تعنيهم في الأساس.
ويمكن للمرء أن يكون أكثر قدرة واتساماً بالشجاعة للقيام ويقوم بتعداد الأشخاص الموجودين في كل نوع من هذه الأنواع في حياته، والضابط في هذه المسألة، وهذا التقييم هو نوع استجابة هؤلاء مع معاناتك.
وبعد أن تفرغ من هذا التعداد الواقعي، لك إنْ أحببت تبني المواقف التالية:
١- لا تطرح معاناتك بعد الآن أمام أي شخص يريد أن يتركك وحيداً، فهذا لا يفيده ولا يفيدك.
فهو لا يريد المساعدة، فلا تطلبها منه.
٢- شارِكْ معاناتك مع من يرغب في مساعدتك، ولا ترفض أي عرض صادق للمساعدة بحجة الكبرياء، أو الشك، أو عدم الشعور بالأمان.بل اطلبْ منهم أن ينضموا إليك خلال رحلة معاناتك، وخصِّصْ لهم مساحةً أكبر في حياتك.
٣- ابق على مسافة بينك وبين أولئك الذين يرغبون في أذيتك، فلست مضطراً إلى مواجهتهم، أو إيقاعهم بالشعور بالذنب، أو جعلهم سبباً للإشفاق على ذاتك، ولكنك في الوقت نفسه لا تستطيع تحمّل امتصاص تأثيرهم السّام فيك، حتى وإنْ عنى ذلك الابتعاد عنهم، فلتفعل.
ولا يعني هذا التقييم، أو التعداد تنصيب نفسك حكماً على الآخرين بإطلاق الأحكام المتعسفة وقولبة كل من مَرَّ بحياتك، بل يعني وَضع الأمور في نصابها الصحيح؛ حتى نُحافظ على كل من يسعى لبذل الخير لنا، وألّا نُريق ماء علاقاتنا لمن لم نكن في دائرة اهتمامه، فضلاً عن سعيه في أذيتنا.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي