تَدبّرْ للحظة فيما يحدث عندما تلقي حجراً في الماء، حيث يخترق هذا الحجر الساقط سريعاً سطح الماء؛فينشر موجات صغيرة في جميع الاتجاهات.
وعلى نفس النسق يعتبر انفعال مشاعرك بمثابة الحجر الذي ينشر موجات صغيرة على من حولك من أشخاص.
ونظراً لأن المشاعر هي الدافع الأساسي لسلوكك، فمن المهم أن تدرك أثرها على نفسك وعلى الآخرين.
ولنضرب مثلاً، بمدير يفقد أعصابه ويوبخ موظفاً أمام بقية الموظفين.
فالمدير هنا عندما يقف مُؤنِباً، يبدو أن هدفه هو ذلك الموظف الذي قَصَّرَ في أداء عمله، إلَّا أنّ الأثر المتزايد عن انفعال المدير ينال كل الحضور، ويطبق الصمتُ بفكيه على المكان.
وبينما يرجع بقية الموظفين إلى مكاتبهم يشعرون بحنق المدير، فيعودون إلى استكمال أعمالهم، وكل منهم يشعر بغصة في حلقة، ويتساءل متى يحين دوره لينال نصيبه من التوبيخ؟
يعتقد المدير أنَّ ما قام به من التقريع أمرٌ مفيد للإنتاجية؛ لأن التوبيخ هو ” سوطٌ يدفع الناسَ إلى الاستقامة”، إلَّا أنّ خوفهم سرعان ما يتحول إلى حذر مقيت.
فلكي يبذل الموظفون أقصى ما بوسعهم؛ يحتاجون إلى المخاطرة، وتجاوز سبل الراحة، وارتكاب بعض الأخطاء، ولا يود أحدهم أن يكون الضحية القادمة لتوبيخ المدير؛ لذلك يلزمون النطاق الآمن؛ فيفعلون ما يؤمرون به وحسب دون إبداع وابتكار.
من هذين المشهدين:
“مشهد الحجر،ومشهد المدير”
يمكن لنا أن ندرك أنَّ مشاعرك أسلحة فتاكة إذا اسأت استخدامها، كما أنّ استمرارك في الاعتقاد بأن أثر المشاعر عرضي وزائل أمرٌ يلحق بك أذىًّ كثيراً.
فإطلاق العنان لمشاعرك؛ يُمكنها من تكوين موجات على غرار موجات ذلك الحجر المرمي في الماء، صحيح أنَّ مشاعرك أطلقتها صوب شخصٍ بعينه، لكن تأثيرها يطال كل من حول ذلك الشخص.
إنَّ أفضل الطرق لملاحظة الأثر المتزايد لمشاعرك هو مراقبة الأثر الفوري لها على الآخرين، ثم استفدْ من تلك المعلومات المستقاة من ملاحظتك، وربطها بمنظر الحجر في إدراك مدى الأثر الممتد لمشاعرك على مجموعة من الناس بعد أنْ تكون قد أفرغتَ شحنة مشاعرك.
عليك أن تمضي بعض الوقت تتدبر في سلوكك؛ حتى تستوعب الأثر المتزايد لمشاعرك.
كما أنك بحاجة إلى سؤال الآخرين عن أثر مشاعرك عليهم، وكلما ازددت فهماً لأثر مشاعرك المتزايد على من حولك؛ ارتفع مستوى وعيك بأهمية مراعاة انتقاء عباراتك وكلماتك، وزاد استعدادك لاختيار الأثر الذي تريد أن يكون صدى لمشاعرك.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي