ينصاع الكثير منا بين الحين والآخر إلى تلك الحالات المزاجية السيئة؛ حيث يبدو الأمر كله كما لو كنا نسير عكس اتجاه التيار، أو انَّ التيار كله ضد ما نبتغي الوصول إليه.
وعندما يصبح شعورك على هذه الشاكلة؛ فستمر بحالتين:
أولهما، تشعر أن ثمة غمامات سوداء تظلل على أفكارك ومشاعرك والموقف الذي تمر به.
وثانيهما، فهو الشق المقعد من عقلك، فما إنْ يتمكن المزاج السيء من العقل؛ حتى تفقد القدره على رؤيه جوانب الجمال في حياتك، فتكره وظيفتك على نحو مفاجئ، وتصاب بالإحباط تجاه العائلة والأصدقاء، وتشعر بالسخط لما حققته من إنجازات، وتضيع منك روح التفاؤل بالمستقبل،مع أنك تدرك في أعماقك أنّ الأمر ليس بهذا السوء، لكن عقلك لاينصت لذلك.
وليس المزاج السيء ولا المشاعر السلبية السبب الوحيد للمشكلات. فنشوة المزاج قد تضلل تفكيرك بنفس القدر؛فتسرقك تلك النشوة من واقعيتك؛ويصبح من السهل القيام بما تندم على فعله لاحقاً؛فما أن يتدفق في داخلك حماس الحاله المزاجية الجيدة “الفرايحية”؛ حتى يُرسم أمامك صورةً وردية لكل ما تصادفه، ويتركك في حالة تصبح فيها أكثر عرضة لاتخاذ قرارات متهورة، متجاهلاً النتائج المحتملة لأفعالك.
إنَّ معرفة ما أنت مقبل عليه -حتى وإنْ لم يكن لك يد في تغييره على الإطلاق- تُعدُّ جزءاً من الوعي الذاتي. فعليك أن تدرك أن المزاج الجيد أو السيء ماهو إلا سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع،وتذكر جيداً أن الحالات المزاجية لسيت أمراً دائماً، فمشاعرك تتغير على الدوام، والحالات المزاجية تمر إن سمحتْ لها بذلك.
إن التفكير في المواقف الحياتية التي تسببتْ في الحاله المزاجية ليس أمراً مقبولاً فحسب، بل إنه فكرة رائعة أيضاً -ما دمت لا تستغرق وقتاً في ذلك- لأن ذلك خير أسلوب؛ حتى تمر الحالة المزاجية بسلام.
وعندما تكون في مزاج جيد أو سيء، فإن ذلك ليس الوقت المناسب لاتخاذ القرارات.
وإنْ أردت أن تتجنب دفع الحالة المزاجية إلى اقتراف أخطاء تزيد الوضع سوءاً؛ فابق على دراية عميقة بهذه الحالة وتفهمها، ومن ثم اتخذْ قراراتك في حالة توازن بين الحالتين؛ حينها يمكنك أن تنعم بالسعادة دون ندمٍ يتبعها.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي