إن ما يجلب السعادة والطمأنينة للإنسان أن يجعل بينه وبين أهدافة ونتائجه وأدواره مسافةً كافية تكفل له أن يمارس حياته بصورة انسيابية.
فكل ما نرتبط به في العالم الدنيوي من “منصب، مال، أهداف، أدوار” ما هو إلا رمز لأنفسنا، وليس أنفسنا، فأنت لست تلك الأشياء.
إن جوهر أناك هو ذاتك الروحيه المتصلة بخالقها تعالى.
ولذا فإن التعلق المَرضي بالأشياء المرتبطة بالحياه الدنيا ناتج من حاجتنا للأمان والحب وتقبل الآخرين لنا.
هذا الاحتياج يجعلنا -بتلقائية وعن جهل- نتصور أن تلك الرموز هي مصدر قوتنا.
ولا يعني ذلك أن نتخلى عن مسؤوليتنا تجاه تلك الأشياء، أو نتخلى عن رغباتنا، بل نتخلى عن التعليق الشديد بها. فنهتم بالعمليه لا النتائج، ونركز انتباهنا على اللحظة الحالية، لتكون أفضل ما يمكنه، ومن ثم يأتي الهدف.
فعلى سبيل المثال نركز انتباهنا على الدراسة وليس على الامتحان، نفصل أنفسنا عن الأدوار التي نمارسها “أب، مدير، زوج،…” فالأدوار التي نلعبها ليست نحن بل جوهر “النحن” هو ذاتنا الروحية.
فالتعلق المَرضي بالأشياء يبعدنا عن التواصل مع ذواتنا الروحيه، ويربطنا بذواتنا السفلى متوهمين أننا مسؤولون عن النتائج، ونحن من يصنعها، وننسى أن الله تعالى هو من يحمينا ويرزقنا ويشفينا ويلهمنا.
فعلينا أن نجعل بيننا وبين أهدافنا ونتائج أعمالنا مسافة معينة؛ لنحمي ذواتنا الروحية من الأذى، وكي لا يفسد تعلقنا الشديد بها حياتنا اليومية واللحظة التي نعيشها.
مسافة أوجدناها بوعي؛ لنساعد على تحقيق تلك الأهداف،وأداء الأدوار بانسيابية شديدة وفي التوقيت المناسب لها، وعندما تتحقق؛ نكون في حاله انسجام وتوازن؛ لأننا عشنا اللحظة، ولم ندع هاجس التعلق بتلك الأهداف و الأدوار يفسد علينا واقعنا أو يعكره.
ولتحقيق ذلك الانسجام في حياتنا، يمكننا أن نمارس تقنية الأسلوب السينمائي، فنتخيل أنفسنا أبطالًا في فيلم أنا والآخر، أو أنا والموقف، فما الحياة إلا مسرح كبير، فنحن ممثلون ندخل لأداء أدوارنا؛ ثم نخرج عندما تنتهى هذه الأدوار.
فما يمكننا عمله هو أن نفصل مشاعرنا عن الحدث كي لا يؤثر فينا؛ لأن ما يريحنا أو يزعجنا هو نوع أسلوبنا في التجاوب مع الموقف.
إن تقنية الأسلوب السينمائي تساعدنا على الانفصال عن النتائج، فيكون الهدف هو التركيز على أن تكون اللحظة التي نعيشها أفضل ما يمكن.
هذه التقنية تجعلنا نتيقن بأن الله هو من يحمينا ويرحمنا ويرزقنا، وهوسبحانه كافينا الأمر الذي نتوكل عليه له.
حينها نستطيع أن ندرك ونعي قولة تعالى:
“ومن يتوكل على الله فهو حسبه”.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي