بَحْرٌ لُجِّيُّ من التعصب والجمود الفكري!

يعتبر التعصب من الأمراض الفكرية التي يصاب بها عقل الإنسان.
فالتعصب هو إصدار حكم لا أساس له من الصحة على الآخر، ويصاحبه مشاعر سلبية مناسبة لطبيعة ذلك الحكم.
وهو شعور يجعل الشخص يرى نفسه على حق والطرف الآخر على باطل؛ فيتصرف بطريقةٍ فيها عدم اعتراف بحقوق الآخر، أو أفكاره، أو معتقداته.
أما الجمود الفكري، فهو من الجمود والسكون والركون، صفاتٌ عكس الحركة التي هي سر الحياة.
كذلك هو عكس النشاط الفكري والمرونة الفكرية، بمعنى عدم القدرة على الابتكار وتقبل الأراء المختلفة؛لإيجاد الحلول لمشكلات الحياة.
ويشترك الجمود الفكري والتعصب في الكثير من المعيقات التي تمنع الشخص من استخدام أساليب فن التواصل سواء مع الذات، أو مع الآخرين.
فكل من التعصب والجمود الفكري يمنعان الشخص من الإنصات للآخر، وفهم وجهة نظره، حيث الرفض المسبق لمنطق الآخر المغاير؛ وهذا يمنع الشخص من الانفتاح على الثقافات الأخرى والاستفاده منها، فضلًا عن الاستفادة ممن حوله من أقارب، وأصدقاء، وزملاء عمل.
ويُشكّل كل من التعصب والجمود الفكري عائقاً أساسياً أمام التفاهم مع الآخرين أفراداً كانوا أم جماعات.
إنَّ الشخص الذي يصاب بداء التعصب والجمود الفكري يتصف بالميل إلى التسرع في إصدار الأحكام من دون تحميصٍ أو دليلٍ، والتي غالباً تكون بعيدة عن منطقة الوسط، فالأمور عنده إما صح أو خطأ، سوادء أو بيضاء.
وهذه الأحكام غالباً تحكمها الكثير من المشاعر السلبية والتطرف.
وحتى يخفف الإنسان من حدة التعصب والجمود الفكري؛ عليه أن يتجه بعقلة نحو الانفتاح المقنن، ويُشرِع نوافذ عقله لكل جديد ونافع، وأن يُراجع أفكاره وتصوراته عن الأشخاص والأحداث، وأن يبدأ بتهذيب نفسه وتدريبها على ممارسة المرونة الفكرية.
إنْه قام بذلك؛ فإنه يبتعد بعقله عن عقلية التعصب والجمود الفكري التي تؤدي إلى مشكلاتٍ تؤدي في نهاية الأمر إلى القضاء على السلام الداخلي، حيث ينشغل الشخص بها؛ فتبعده عن النجاح والأمان؛فينسى في غمار صراعه أن لديه هدفاً و رسالةً علية أن يسعى إليهما بكل طاقته، وأنهما الأجدر ببذل الوقت والجهد والفكر من أنْ يبذلها من أجل أن يُثبت للأخرين صحة أفكاره وتصوراته.
فحذارِ أن تغرق في بحرٍ لُجِّىٍّ من ظلمات التعصب والجمود الفكري ولا تصل إلى تحقيق غايتك الكبرى في الحياة.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *