فن تقبُّل الآخر الصعب!

يعد تقبل الآخرين وتقبل أي شيء لنا علاقة به شرطاً أساسياً من أجل إحداث التغيير، ومن أجل الشعور بالرضا والسعادة.
فنتقبل المشكله، أو المرض، أو الأزمة، أو الآخر الصعب، ومن ثم نبحث عن الحل.
إن عدم التقبل، أو الرفض يخلق مقاومةً، ومقاومة الشيء، أو رفضه يعطينا الأسوأ منه.
ولتوضيح هذا الأسلوب -أسلوب تقبل الآخرين- علينا تسليط الضوء على جوانب مهمة تعكس كيفية تقبلنا للآخرين، وهي التخلي عن مقاومة الآخرين، أو رفضهم، والتركيز على النواحي الإيجابية فيهم، وحسن الظن بهم، والكلمه الطيبة ومدى أثرها العظيم في العلاقات بين البشر.
فبالتقبل نتخلى عن مقاومة الآخر، أو رفضه، فعادة ما نرفضه في حياتنا؛ نجده شديد الإصرار على اللحاق بنا، وما لا نريده سواءً كان شخصاً، أو موقفاً؛ فإننا نعطيه انتباهنا وتركيزنا، ونعتقد أننا بذلك غير قادرين على الحصول على ما نريده؛ بسبب وجود هذا العائق.
إنه عندما نقاوم تصرفات، أو عادات لا تعجبنا لدى شريك الحياه مثلًا؛ فإنها تصبح أكثر قوةً.
وعندما نرفض عملنا؛ فإن الكثير من المشكلات والمنغصات ستلاحقنا من مجموعة العمل.
فنحن من خلال المقاومة نتجاهل قوتنا الداخلية لجذب ما نريد ونرغب فيه، فالمقاومة تخفض طاقتنا وقدرتنا على جذب مانريد، وهذا لا يعني ألّا نرفض ما لا يعجبنا، ولكن مشاعرنا السلبية تجاهه نستخدمها لمساعدتنا على الإحساس، والتركيز على ما نرغب.
فالرغبات التي تأتي من المقاومة تُبدد الطاقة، وتزيد من فرص المقاومة.
مثلًا، عندما نقاوم عدم رغبتنا في الشجار مع الشريك؛فإن ما نحصل عليه هو المزيد من الشجار، لذلك يمكننا أن نركز على رغبتنا في التفاهم، وعندما نركز في الفشل؛ لعدم رغبتنا فيه قد نفشل. فعلينا أن نركز في النجاح؛ حتى نحصل عليه بإذن الله تعالى.
فالمقاومة تعكس تركيزنا على الأمور السلبية في الأشخاص والأشياء، ونحن عادة نجذب لأنفسنا حسب ما نؤمن به من أفكار، إنْ كانت إيجابية؛ جذبنا الخير لنا، وإنْ كانت سلبية جذَبنا المعيقات والعقبات.
إنه بشيء من التأمل والتبصر والمراقبة لأفكارنا ومعتقداتنا السلبية التي نصيغها كل يوم في عبارات كـ:
“الدنيا لم يعد فيها خير”
“أصبح الناس أشرارا”
“ذلك زمن الطيبين”
“الزمن تغير والجيل الجديد لم يعد مؤدباً”
و غيرها من العبارات السلبية التي قد تتكرر على ألسنة الكثير من الناس؛ نجد أنَّ مثل هذه التعليقات السلبية تعكس عالماً مليئاً بالمقاومة، وعلينا إدراك ما نقوله، ونحتاط من كلماتنا، فالكلمات قوة كبيرة خاصة عندما تعبر عن غاياتنا الحقيقة، ولنحذر من التركيز على السلبيات في الحياة سواء أكانت في الأحداث، أو في الآخرين سوى الموجود فينا؛ لذلك علينا أنْ نتقبل الآخرين، ونتفهم وجهة نظرهم من دون إطلاق الأحكام، أو التعصب، أو التصنيف.
فعندما نتقبل سلبيات الآخر؛ يصبح التخلص منها أمراً ممكناً، وعندما نركز على إيجابياته ترتفع طاقتنا؛لأن التفاعل بيننا سيكون أفضل، وخلافاتنا أقل.
إن حسن الظن بالآخرين، أو النية الحسنة بهم؛ تجعلنا أكثر ميلاً للراحة والرضا داخل العلاقات؛ لأنها ترتبط بتقبل الآخر والاعتراف بمشاعره، وبتقبلنا لأنفسنا أيضاً.
على خلاف النية السيئة التي هي أفكار صامتة ذات طاقة سلبيه تلتهم الورد الذي اعشوشب بين الناس.
إنَّ أساليب تقبل الآخرين تساعدنا على التخلص من الضوضاء التي قد تملأ عقولنا وتعكر صفو قلوبنا، كما أنَّ تلك الأساليب مرتبطة بالمشاعر الإيحابية،كالحب والبهجة والسعادة؛ فتمنحنا طاقةً عالية؛ لنرى الجمال الذي يسكن حنايا أرواحنا، ومن ثم ننفذ منه لرؤية الجمال في كل تفاصيل الحياة.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *