لماذا نراقب الناس ولا نراقب أنفسنا؟!

بعد أنْ تناولنا في المقالتين السابقتين أساليب المراقبة الذاتية، والأشياء التي من المفترض أن نراقبها في حياتنا، نكمل في هذه المقالة المعيقات التي تمنعنا من المراقبة الذاتية.
نميل لا شعورياً في كثير من الأحيان إلى أن ندافع عن أنفسنا ونحميها؛ خوفاً من أن نواجه نقاط ضعفنا أو أخطاءنا، أو خوفاً من أن نواجه حقيقة أنفسنا، وخوفاً من أن يكتشف الآخرون عيوبنا.
وغالباً نُغلّف أنفسنا بأقنعةٍ؛ لنبدو في عيون أنفسنا وعيون الآخرين بصورة جيدة ومقبولة.
وتُسمى تلك الأقنعة والطرق التي نستعملها للوصول إلى صور مقبولة لذواتنا بالحيل الدفاعية اللاشعورية.
وتهدف تلك الحيل إلى إعادة التوازن لنا ولو بأساليب مخادعة؛ لتساعدنا على إزالة التوتر الناتج عن الإحباطات والصراعات التي تهدد الأمان النفسي لنا.
وتعتبر تلك الحيل ميكانيزمات لاواعية تظهر تلقائياً في المواقف التي تهدد منظومتنا الفكرية المرتبطة بفكرتنا عن أنفسنا وفكرة الآخرين عنا.
وبسبب ظهورها التلقائي واستسلامنا لها؛تعمل كمعيقات تمنعنا من مراقبة أنفسنا ورؤية عيوبنا، وتمنعنا من الوعي بالمساحات غير المضاءة من عقولنا ومشاعرنا، وبالتالي قد تتحول إلى أدوات فشل تعيقنا عن مواجهة التحديات التي تواجهنا في حياتنا، وتمنعنا من الإحساس بالرضا والطمأنينة الداخلية والوعي بذواتنا الحقيقية.
لذلك يُعدُّ استخدامنا لأساليب مبدأ المراقبة الذاتية أمراً أساسياً من أجل تحويل الحيل اللاشعورية إلى دوافع تدفعنا إلى إزالة العقبات التي تمنعنا من التواصل السليم مع أنفسنا والآخرين، ومن ثم الوعي بما نقوله ونفكر به وبما يصدر عنا من تصرفات ومشاعر.
هذا الوعي الذي يُمكْنّا من التعرف على أهم تلك المعيقات والحيل، وكيفية التعامل الأمثل معها،وهي:
“الإسقاط، والتبرير، والإنكار، والكبت، والتعميم، والعدوانية، والانسحاب، واللوم”
إنَّ هذه القائمة من المعيقات يمكن لها أن تُمثل حاجزاً يحول بيننا وبين المراقبة الذاتية؛ بسبب أنها تعمل دون وعي منا؛ فتجعلنا بعيدين عن السكينة الداخلية.
إنَّ تلك المعيقات أساليب سلبية نحمي بها أنفسنا بطريقةٍ واهمة؛ فتبدد طاقتنا دون علمنا.
ولكن باستمرار المداومة على ممارسة أساليب المراقبة الذاتية تصبح عاداتٍ يومية من شأنها أنْ تجعلنا نتغلب ونتجاوز تلك الحواجز الذهنية من المعيقات والحيل إن شاء الله تعالى.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “لماذا نراقب الناس ولا نراقب أنفسنا؟!

ابراهيم مهنا

شكرا أخي أ / سليمان
وفي كتاب الله بلاغ وإفهام ، يقول المولى جل وعلا :
(بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) قال أهل التفسير : أي : هو شهيد على نفسه ، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر ، كما قال تعالى : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) يقول : سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه .
وقال قتادة : شاهد على نفسه . وفي رواية قال : إذا شئت – والله – رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه ، وكان يقال : إن في الإنجيل مكتوبا : يا ابن آدم ، تبصر القذاة في عين أخيك ، وتترك الجذل في عينك لا تبصره .

سليمان مسلم البلادي

العزيز ا.إبراهيم مهنا
شكراً للتأصيل الرائع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *