المراقبة الذاتية هي تقنيةٌ بالتعلّم والتدريب نتقنها، وبمرور الزمن تصبح عادة تظهر تلقائياً في كل موقف من مواقف حياتنا.
إنها أسلوب حياة يجعلنا نركز على رغباتنا الحقيقية وأهدافنا بدل التركيز على أخطاء الآخرين وهفواتهم، فنبحث عن دورنا في فشل الموقف، وليس دور الآخر في فشله.
المراقبة الذاتية هي إمكانية وقدرة تضمر وتتلاشى بعدم استعمالنا لها،ونزداد مهارة وتمكناً باستعمالنا المستمر لها.
ونصبح أكثر ميلاً لتحمل مسؤوليتنا تجاه أقوالنا وأفعالنا وأفكارنا ومشاعرنا واختياراتنا، وأكثر وعياً بالمساحات اللاواعية من عقولنا، وأكثر وعياً بمسؤوليتنا تجاه علاقاتنا بالآخرين والحياة.
المراقبة الذاتية تجعلنا أكثر ميلاً للهدوء والسعادة والرضا؛ لأننا لن نسمح لأنفسنا بالإساءة للآخر، ولن نقبل بفكرة أن نكون ضحيةً للآخرين بسبب مهاراتنا في فن التواصل، وبسبب وعينا بنتائج أعمالنا واختياراتنا.
بالمراقبة الذاتية ندرك أن العدو الأكبر لنا هو أنفسنا إنْ استسلمنا للهم واليأس والألم والحقد، ونفهم نقاط ضعفنا وعاداتنا السيئة؛ فلا نلقي اللوم على الآخر أو نسقط عيوبنا عليه.
تساعدنا المراقبة الذاتية على أن نعيش إرادةً حرة بتنقية تواصلنا مع الله سبحانه وتعالى، وتعاملنا مع ذاتنا السفلى بما يرضي الله، وندرك أننا لسنا أهدافنا ولا أبناءنا ولا أعمالنا ولا جاهنا، فنجعل مسافةً بين جوهرنا وبين كل ذلك، وندرك أيضاً أننا كائنات روحية بإرادتها ستعيش التجربة البشرية بكل ما فيها من احتياجات وإغراءات مؤقتة وزائلة، وبإرادتها يمكنها أن تتناغم مع الحياة؛ لتعيش الأمان الداخلي مسبحةً بحمد الله وبتقوى الله لتربح نفسها دون أن تخسر الآخر.
إنها تقنية تقوي الحدس لدينا؛ لتصبح قلوبنا هي دليلنا في أي موقف وعند اختيارنا لقراراتنا.
إنها تساعدنا لنتخلص من جهلنا بذواتنا وحياتنا ووجودنا في هذا الكون.
إنَّ النمو التدريجي في اتجاه المراقبة الذاتية يساعدنا على الاستيقاظ؛ لنرى النور الذي بداخلنا، فنعثر على ذواتنا الحقيقية ونغدو أكثر قرباً ومصاحبةً ورفقاً بالإنسان الذي بداخلنا، وأكثر تفهماً ورحمةً وحباً وعطاءً لمن حولنا.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي