الفوز في لعبة التوافق مع توقعات الآخرين

الحياة حُبْلى بعقباتٍ، منها المرئية ومنها غير المرئية.
والثانية أشد خطورةً وأقوى فتكاً وتمثل حاجباً كبيراً يحول بينك وبين تواصلك مع أهدافك وغاياتك التي رسمتها لنفسك وتريد الوصول إليها.
ومن أهم تلك العقبات غير المرئية حوارك الداخلي الذي يتشكَّل عبر الطريقة التي تفكر بها.
هذا التفكير الذي يقودك إما إلى نتائج إيجابية، أو سلبية حسب نوع ذلك التفكير.
لكن ما يهون علينا هذا الأمر، أنه عند تدارس هذا التفكير؛ سوف تحظى بفرصتين:
الأولى، إدراك تلك العقبات التي يصنعها تفكيرك.
والثانية، فرصة تَخَطِّي تلك العقبات والتغلب عليها.
إنَّ من أهم طرق التفكير التي يمكن لها أن تحول دون تواصلك مع الروح الخلّاقة والعزيمة الوثابة التي بداخلك، هي التفكير الدائم فيما يريده الآخرون منك.
فهناك على الأرجح قائمة طويلة من الناس، يشكل الأقارب الجزء الأكبر منهم ممن يملكون تصوراً قوياً لما يجب أن تفعله، وللطريقة التي يجب أن تفكر بها، والطريقة التي يجب أن تتعبد بها، والمكان الذي يجب أن تعيش فيه، والطريقة التي يجب أن تنظم بها حياتك، ومقدار الوقت الذي يجب أن تقضيه معهم، وخاصةً في المناسبات والعطلات.
إنَّ الحوار الداخلي الذي ينطوي على توقعات من قبل الآخرين يؤكد أن هذا السلوك ما زال متواصلاً في حياتك.
فإنْ كنت تركز من خلال أفكارك على ما ينتظره الآخرون منك بالرغم من قلة اهتمامك لهذه التوقعات؛ فسوف تستمر في اتباع نفس السلوك والأفعال، وسوف تجتذب المزيد من رغباتهم وتوقعاتهم بشأنك.
إنَّ تخلصك من عقبات حوارك الداخلي بشأن توقعات الآخرين منك؛ يعني أن تقرر تحويل حوارك الداخلي إلى ما أنت عازم على فعله واجتذابه في حياتك. وهذا يتحقق لك من خلال تركيزك على ما تريد، وعدم بذل أي طاقة ذهنية تجاه ما يشعر به الآخرون عن الطريقة التي يجب أن تعيش بها حياتك.
وقد يبدو هذا الأمر على أنه مهمة صعبة للوهلة الأولى، ولكنك سوف تستمتع بهذا عندما تنفذه.
فيمكنك أن تتعود على ضبط نفسك وملاحظتها وهي تفكر فيما تريده الآخرون منها.
وسلّْ نفسك: هل هذا التوقع يتفق مع رغباتي؟
فإنْ لم يكن كذلك؛ حاولْ أن تتجاوز هذا الأمر بحكمةٍ بالغة وبصيرةٍ متناهية، حتى وإنْ شعرت بإحباط أو غضب تجاه توقعات الآخرين للطريقة التي يجب أن تدير بها حياتك.
إنها طريقة للتوافق والتجاوز لانتقادات الآخرين، وفي نفس الوقت وضع حد لأي ممارسات معوقة تحملك على فعل ما تريد فعله، ولا تعني هذا الطريقة خلق التصادم وفرض الرأي ومحاولة إقناعهم بصحة توجهك وصواب رأيك.
وإليكم هذا لمثال ليتضح المقال بصورةٍ جليّة للفوز في لعبة التوافق مع توقعات الآخرين:
– عدم التوافق:
أنا منزعج من عائلتي. إنهم لا يفهمونني ولم يفهموني يوماً.
– توافق:
أنا أحب عائلتي. إنهم ينظرون إلى الأشياء برؤيةٍ تختلف عن رؤيتي، ولكن هذا لا يُثير ضيقي. فأنا أُولِي كل تركيزي لكل ما أنا عازم على فعله، وأُكنُّ لهم كل الحب والتقدير.
إنَّ المكافأة الكبرى التي سوف تعود عليك، هي أنَّ هذا النقد والحكم سوف يتوقف من تلقاء نفسه؛ عندما تُركز على ما تريد، حينها يكتشف أصحابه أنه بلا طائل.
إنه الربح الذي سوف تحصده بالتحول بعيداً عما يريده ويتوقعه الآخرون إلى ما تريده أنت لحياتك.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *