يوجد المعنى في إلمامنا بالحاضر، وعندما نبتعد عن الحاضر نبدأ في فقدان فعاليتنا.
حتى عندما تكون المخاطر كبيرة ونجاحنا أساسياً، يمكن أن يمنع التركيز على النتائج بدلاً من التركيز على الخطوات التوصل إلى نتيجة ناجحة.
نحن نعرف كيف يحدث ذلك:
إن عصبيتنا وقلقنا لتصحيح الأوضاع تمنعنا من القيام بذلك؛ فكلما زادت توقعاتنا؛ زاد انقطاعنا عن العملية الفعلية، وقلّت قدرتنا على المشاركة في نجاح المشروع.
وهذا ما يُسمَّى “النية المتناقضة”؛ فتصبح نوايانا الحسنة في الواقع سبب فشلنا.
عندما يتم السعي بشدة إلى تحقيق نجاح معين لدرجة أننا نغفل ونهمل العلاقات التي هي جزء لا يتجزأ من عملية النجاح؛ نضع بذلك بذور فشلنا، نتحدى نجاحنا، نهمل معنانا ومعنى الآخرين ومعنى هذه العملية.
يقع المعنى في تقديرنا للحظة،في الامتنان، والوعي، وفي العلاقة.
لكن عندما يتركز وعينا فقط على المستقبل؛ نفقد كل اتصال بالحاضر، حيث نوجد نحن، وحيث يوجد الآخرون، وحيث يوجد المعنى.
حياتنا لها معنى أصيل، مهما كانت طريقتنا لقياس نجاحنا، وحتى عندما نصل إلى قمة النجاح المهني في مسعانا؛ فإن المشاعر المصاحبة لمثل هذا النجاح هي مشاعر عابرة. فأجد هذا الشعور يسكن عقلي: لقد وصلت إلى الهدف، والآن ماذا؟ نفاجأ بشعور بالغرق، والفراغ يستقر بداخلنا.
ونحن نتساءل:
ماذا يعني كل هذا حقًّا؟ هل هذا هو كل ما في الأمر؟
إذا كنا قد هجرنا الوسيلة من أجل تحقيق الغاية؛ إذاً الغاية هي حقاً النهاية!
أيّ شخص قد أنجز مهمة بتكلفة كبيرة على نفسه من الوقت والمال أو الطاقة؛ سيشعر دائماً بالتخاذل إلى حدٍّ ما عندما تنتهي المهمة.
إنّ إشراكنا بكامل وجودنا في صنع شيءٍ ما؛ يعطي غرضاً فوريًّا لحياتنا؛ ومِن ثَمّ يختفي. لكن كلما كثر المعنى خلال العملية؛ شعرنا بالرضا بشكل أكثر عمقاً بغض النظر عن النتيجة.
عندما نعتز بالعملية؛ تصبح النهاية مجرد بداية جديدة، وعندما نلتزم الصدق مع قيمنا الشخصية في حياتنا المهنية؛ نُرسي بذلك أساساً للمعنى، وعندما نعمل بوعي للحظة؛ نبقى على اتصال بالمعنى.
فوجودنا، ووجود جميع أشكال الحياة هو معنى في حدّ ذاته.
فيمكن الوصول إلى تحويل التفكير فقط بالدرجة التي يتم توجيه الوعي فيها، ونقل بؤرة اهتمامك نحو الجوانب الإيجابية.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي