تكمن بداية الانعتاق من “كتلة الألم” في إدراكك بوجودها في داخلك.
ثم مقدرتك على البقاء حاضراً بالقدر الذي يضمن لك ملاحظة “كتلة الألم” في ذاتك كدفق ثقيل للعاطفة السلبية حين تصبح فعالة.
وحين تدركها لا يعود في إمكانها الزعم أنها أنت، وأن تعيش وتتجدد من خلالك.
إنه “حضورك” الواعي الذي يقطع طريق التماهي مع “كتلة الألم”.
حين لا تتماهى معها؛ فإنها لا تعود مسيطرة على تفكيرك؛ وبالتالي لا تعود قادرة على تجديد نفسها عبر الاقتيات من أفكارك .
و”كتلة الألم” لا تتبدد في أغلب الحالات مباشرة، لكن ما أن تفصل العلاقة بينها وبين تفكيرك؛ فإنها تبدأ بفقدان الطاقة، فلا يعود تفكيرك غائماً بالعاطفة، ولا تعود إدراكاتك الحاضرة مشوهة بفعل الماضي. وعندئذ تغير الطاقة التي كانت عالقة في “كتلة الألم” ذبذباتها إلى “حضور”.
بهذه الطريقة، تصبح “كتلة الألم” وقوداً للوعي؛ ولهذا السبب الكثير من الأفراد الأكثر حكمةً وتنويراً على كوكبنا كانت لديهم في السابق كتل ألم ثقيلة.
لذا فالسؤال الأهم هنا هو الآتي:
“كم من الوقت يتطلب الأمر للتحرر من التماهي مع “كتلة الألم” ؟
والجواب هو:
لا يتطلب وقتاً على الإطلاق. فحين تنشط “كتلة الألم”؛فاعلم أنك تشعر بها في داخلك.
وهذه المعرفة هي كل ما يلزم لقطع تماهيك معها، ثم ينتهي التماهي معها ويبدأ التحول، فالمعرفة تحول دون عودة العاطفة القديمة إلى رأسك، ومن الهيمنة ليس فقط على الحوار الداخلي، بل أيضاً على أفعالك وتعاملك مع سائر الناس.
وهذا يعني أن “كتلة الألم” لم تعد قادرة على استغلالك وعلى تجديد نفسها من خلالك.
قد تستمر العاطفة القديمة في العيش فيك لفترة، وقد تعاود الظهور بصورة دورية. كما أنها قد تحاول من وقت لآخر التحايل عليك؛ لكي تتماهى ثانية معها،وبالتالي تحجب المعرفة، ولكن ليس لوقت طويل، فعدم إسقاط العاطفة القديمة على أوضاع معينة في الحاضر يعني مواجهتها مباشرة في ذاتك. وهذا هو أول الطريق نحو الانعتاق من كتلة الألم.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي