الخدعة الكبرى لقانون الجذب

بدت الفكرة في وقتها معقولة؛ فاستقبلها الوعي ومررها للاوعي حيث مررت عبر الجهاز السمباتي، ودُفعت نحو جسدنا المادي بحيث أصبحت الفكرة جزءاً من ملامحنا وتركيب جسدنا ولحمنا وعظمنا.
هذا هو الشكل الذي نبني فيه أنفسنا ونشيد بناءها، فنحن اليوم نتاج أسلوبنا السابق في التفكير، وما ستكون عليه في المستقبل القريب إنما هو نتاج ما نفكر به اليوم .
لا يُحضر لنا قانون الجذب الأشياء التي نرغب بها، أو الأشياء التي نتمناها، أو ما تمناه غيرنا لنا، ولكنه يحضر لنا “ما هو لنا” تلك الأشياء التي خلقناها عبر عمليات تفكيرنا بشكل إرادي أو غير إرادي.
للأسف الكثير ما يصنع هذه الأشياء بدون وعي ولا إدراك.
وهنا قد نظن أن ثمة خدعة كبرى حِيّكتْ ضدنا منذ زمن من قبل قانون الجذب. ولكن مع التأمل الواعي لنشأة أفكارنا؛ ندرك أنَّ تلك الخدعة ليس لها وجود إلَّا  في عالم الظنون والأوهام.
وهذا يجعلنا ننظر إلى الكيفية التي تتغذى بها أفكارنا.
إن التوترات المتذبذبة لـ “كتلة الألم” تتجاوب مع الأفكار السلبية،ولهذا السبب تستطيع الأخيرة تغذية “كتلة الألم”.
إن النمط الاعتيادي للفكر الذي يخلق العاطفة هو معكوس في حالة “كتلة الألم”، على الأقل في الإطار الأولي.
فالعاطفة الناتجة عن “كتلة الألم” تكتسب سريعاً السيطرة على تفكيرك، وما أن تهيمن “كتلة الألم” على عقلك؛ حتى يصبح تفكيرك سلبياً.
فيبدأ الصوت الذي في داخل رأسك بسرد قصص حزينة، أو قلقة، أو غاضبة عن نفسك وعن حياتك وعن الأناس الآخرين وعن الماضي والمستقبل والأحداث المتخيلة.
يبدأ الصوت بتوجيه ضروب اللوم والاتهام والتذمر والتخيل، وتتماهى كلياً مع ما يقوله هذا الصوت، مصدقاً كل أفكاره المشوهة. وفي هذه المرحلة يكون الإدمان على التعاسة قد بدأ.
ليست المسألة أنك لا تستطيع وقف قطار أفكارك السلبية، بقدر أنك لا تريد ذلك.
ويرجع هذا لأن “كتلة الألم” تعيش من خلالك، مدعية أنها أنت. وبالنسبة إلى “كتلة الألم”، فإن الألم يعتبر لذةً وهي تلتهم بشوق كل فكرة سلبية .
في الحقيقة، يكون الصوت الاعتيادي في رأسك قد أصبح الآن صوت “كتلة الألم” التي تسيطر على الحوار الداخلي، وتترسخ دائرة صلبة بين كتلة ألمك وتفكيرك.
إنَّ كل فكرة تغذي “كتلة الألم”، في المقابل تولد الأخيرة المزيد من الأفكار.
وفي مرحلة ما، بعد ساعات قليلة أو حتى أيام قليلة تكون “كتلة الألم” قد تزودت بحاجتها وتعود إلى خمودها السابق، مخلفةً وراءها عضواً مُستنفداً، وجسداً أكثر عرضة للمرض.
ولذلك إنْ أردنا أن نعالج تلك الندوب التي لحقت بنا وتزايدت بفضل الحمولة الكبيرة من كتلة الألم، يمكننا أن نعالج ذلك بإعادة النظر في العمليات الأولية لتفكيرنا، ومن ثم توجيهها على النحو الذي يحقق لنا العيش بواقعية في حياتنا، ويضفي على تلك الواقعية الكثير من البهجة والسعادة.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

3 تعليق على “الخدعة الكبرى لقانون الجذب

ليلى حافظ

مقال رائع ادبي علمي جماله في معناه أفكار سلبية و إيجابية يسطرها القلم بالفن الادبي لأساليبه المختلفة
سلمت و البنان

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

بسم الله الرحمن الرحيم:”ألا بذكر الله تطمئن القلوب”
ذكر الناس -غالبا- يوحش و ذكر الله تعالى – دائما- يؤنس و يفرح ؛ و المشاكل سنة الحياة و سواء جذبتها و الا جاتك واجهها بشجاعة و صبر و يقين في أن الله معك ما دمت صابرا و راضيا بقدره و قضائه .

Mns

خير من كتب فى هذا المجال د. محمد قاسم وخاصة فى تأثير قانون الجذب والخدعة الكبرى . وهو له تأثير قوي على الإنسان اذا كان إيمانه بالله مهزوز وغير قوي ولم يبين الأستاذ سليمان تلك النقطة وهي الاهم فى الموضوع وخاصة فى وعي الإنسان وبدوره المجتمع وانتشار تلك الخدعة فى المجتمع الخليجي كما ذكر فى بعض المصادر .
شكرا على مجهودات الأستاذ سليمان والشكر موصول لصحيفة غران الاكترونية.
Mns

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *