عندما تعصر برتقالةً، فإنَّ ما يخرج منها دوماً هو ما في داخلها.
على نحو مُشابه، عندما تعصر شخصاً، أي تُمارس عليه أي نوع من الضغوط، ويخرج منه الغضب، والكراهية، والتوتر، والاكتئاب؛ عندئذٍ فإن السبب لا يكمن فيمن يقوم بالعصر، أو متى يقوم بذلك، أو الطريقة التي يختارها لفعل هذا، بل السبب أنَّ هذا ما يوجد داخل الشخص وخرج جرّاء ذلك الضغط الذي مُورِسَ عليه.
فإنْ لم يكن هذا موجوداً في داخلك، فلن يكون في وسعه الخروج على الإطلاق.
على سبيل المثال، عندما يقطع أحدهم طريقك بينما أنت على الطريق السريع وتغضب بشدة، فإنّ ما يزعجك ليس لأنه قطع عليك الطريق، بل لأن هذا ما تحمله “الغضب” في داخلك. وعندما تتوقّف عن حمل ذلك الغضب في داخلك؛ فلن يمكن لأيٍّ شيء يفعله أي شخص أن يزعجك.
ولعل مع يتناغم مع هذا التوجه مقولة إليانور روزفيلت:
“لا يستطيع أحدٌ أن يجعلك تشعر بالدونية من دون موافقتك”.
وبذلك يمكنك التأكد أنَّ لك دورٌ في كل ما يحدث لك، فأنت من يصنعه.
فإنْ كنتَ لا تنسجم مع شخص ما في العمل، وكنت تواجه صعوبةً في علاقاتك وتشعر أنَّك الضحية، انظرْ إلى نفسك أولاً وسَلّْها:
ما الذي أصابني، وما الذي يمكنني تغييره كي أُسَاعِد نفسي حتى لا تشعر أنّها ضحية؟”
ولا تقلْ في نفسك:
كيف يمكنني جعلهم يتغيرون؟
كيف يمكنني جعل العالم مختلفاً؟
إنَّ أيّ شيء تكرهه، أو يزعجك، أو يغضبك هو في الحقيقة كراهيتك الخاصة، وانزعاجك الخاص، وغضبك الخاص.
إنه لك، أنت تملكه، ولا يملكه شخصٌ آخر.
إنَّ الأمر يقع على عاتقك فقط.
إنَّه قلبك الذي تسمح له أنْ يتزينَ بالبياض ويتوشح به، أو قد يغشاه السواد ويسدلُ أستاره عليه.
في المقابل، فإنه عندما تمضي قُدماً على طريق الاستنارة؛ يحدث شيء مثير للاهتمام، فعندما تقابل الأشخاص الذين يتصرفون نحوك بأساليب اعتدتَ وصفها بالمزعجة؛ فإنك ستراها على أنها مشكلتهم، فالإنزعاج لم يعد في حوزتك بعد الآن.
أنتَ الآن تستجيبُ بمقدرة تجاه أولئك الأشخاص، فأنت هنا تتعلم إخبار نفسك:
“هذه ماهيتهم، وهم يتصرفون وفق الطريقة الوحيدة التي يعرفون التصرف من خلالها الآن”.
لذلك فإنَّ ما سأفعله بشأن هذا هو ما يلي:
“سوف استجيب لهم وفقاً لماهيّتي، وماهيّتي هي: الحُبُّ، اللطف، الحكمة، التقبل”.
إنْ امتلكتُ هذا في داخلي؛ حينها يمكنني التعامل مع سلوك أيّ شخص آخر على نحو فاعل، أو يمكنني تجاهله.
وفي كلا الحالتين، فإنَّ الأمر ليس موجوداً في داخلي، بل موجود في داخلهم.
ولذلك بات لِزاماً عليك أن تدّخِرَ قلبك الأبيض لقلبك الأسود.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي