النور نورك

الارتباط بالنور الداخلي حقٌّ طبيعيّ لكل مخلوق بشري.
هناك أوقات نكون فيها جميعًا في حالة اتصال به،فعندما تكون في مركز الخير،وطيبة القلب التي بداخلك؛تشعر بأنك متصل بالحكمة.
إنَّ مفتاح السعادة المستدامة هو القدرة على العيش ضِمْن علاقة واعية مع أفكارنا،ومشاعرنا،ومحيطنا.
إنَّ الوعي الكلي هو أداة تغيير الحياة التي تساعدنا على القيام بذلك،وربما يُعَدّ المهارة الحياتية الأساسية من أجل عيش حياة رغيدة.
من خلال تعلُّم الإنسان أن يكون ساكناً وأن ينظر نحو الداخل؛يبدأ في اكتشاف الوعي،ويصبح مُلِمّاً بالأنماط الذهنية والجسدية التي تُوَجّه سلوكه على نحوٍ لا واعٍ. ويمكنه من خلال الممارسة،أنه من الممكن على نحوٍ تدريجيّ ولطيف،أن يتحرر الإنسان من سيطرة تلك الأنماط،ويقوم بتطوير طريقة مختلفة لحياته.
يترافق مع ذلك إمكانيّة صنع خيارات جديدة،خيارات يقودها حِسّ النداء القلبي الذي يُمكنه من الإنصات إليه،ومن ثم يبدأ في اكتشاف الوعي الكلّي.
ولن يأتِ ذلك عن طريق مطاردة الأحلام،بل من خلال الالتفات إلى الحقائق ومعرفتها معرفة وثيقة،حتى عندما تكون مؤلمة.إنه يأتي من خلال صقل نهج جديد للحياة.
فكلما تدرّبْنا على العمل بهذا الفهم الأعمق لأنفسنا،بدلًا من كوننا مُسيَّرين نحو ردود الأفعال التلقائية؛ظهرت إمكانية التغيير.وينتج عن ذلك أنه قد تتضح وجهات نظر جديدة،ويمكن أن نستكشف سلوكًا جديداً؛من خلال ملاحظة ما يقود إلى العافية،وما يُبعدنا عنها،نستطيع اختبارها بعدة خيارات مختلفة.
ومن خلال انسجامنا مع ردود الأفعال التي نستقبلها من أذهاننا وأجسادنا؛نقوم بتطوير اتصال مع العالم قادرٍ على إرشادنا خلاله بحكمة أكبر.
ومما يدل على أهمية النور في حياتنا، ما أشارت إليه الإحصائيات إلى أنه على الرغم من النمو الاقتصادي الهائل،فإنَّ الناس في “بريطانيا” و”الولايات المتحدة” ليسوا أكثر سعادةً مما كانوا عليه قبل خمسين عامًا مضت.
إننا ربما نكون أقل سعادةً من الأجيال السابقة.تُحذّر منظمة الصحة العالمية،أنه مع حلول عام 2030 سوف يُشكِّل الاكتئاب عبئاً يفوق أيّ مرض آخر،متجاوزاً السرطان،وأمراض القلب،والسكري.
وهذا يعطينا دلالة واضحة على أهمية النور الذي يشعّ في تفاصيل الحياة.
فكلما أصبحنا أكثر إجهاداً؛تضاءلت قدرتنا الذهنية؛إذ نَشعر بالإرهاق ولا نستطيع التفكير على نحو سويّ.
في الحقيقة،نحن نجعل رحلتنا أكثر صعوبةً،وأقل متعةً،في محاولة الوصول إلى كل مكان على نحوٍ أسرع.
إننا يمكن أن ننهمك في التركيز على حل المشكلات إلى درجة أن نغفل عما لدينا من أمور جيدة في الوقت الحاضر تأخذ بأيدينا نحو حالةٍ من الابتهاج،فيصبح عدم الرضى هو حالنا الاعتيادي.
ويقصد بالابتهاج صنع اتصال فرح مع الحياة.
إنه ليس مثل التفكير الإيجابي الصرف،الذي يُحاول تحسين الأمور من خلال التفكير في أفكار لطيفة.
فإذا بعثرت داخلك على استياء،فلست مضطرّاً إلى تصنُّع السعادة.فالابتهاج لا يتطلّب منك أن تحاول أن تكون سعيداً،بل يعني أن تفتح قلبك بامتنان.
ولعل هذا الابتهاج يقودنا إلى الأخذ في الاعتبار السمات الثلاث المميزة للحياة:
السِّمة الأولى:هي عدم الرضى،حيث الإجهاد الذي يبدو أنه ينشأ من طريقتنا الاعتياديّة في المعيشة.
السّمة الثانية:هي اللادوام،حيث الأشياء عُرضة للتغيير،ومهما بذلنا قصارى جهدنا،لا يمكن جعل أيّ شيء يبقى على حاله.
السمة الثالثة:هي عدم وجود نفس جوهرية،فلا يوجد كيان مستقل نستطيع أن نُثَبت عليه بطاقة تعريف ونقول: “هذا أنا”.
الأنباء السارّة هنا هي أنه يمكن تخفيف السِّمة الأولى المميزة للحياة،ويمكن تجاوُزها من خلال الاتصال بالخالق عزَّ وجل لهذه الحياة ذاتها،والإدراك وحسن التقدير العميقين،والتحول التام إلى الانسجام مع السمة الثانية والثالثة.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “النور نورك

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال : يا أبا سعيد ، من رضي بالله ربا ، و بالإسلام دينا ، و بمحمد نبيا وجبت له الجنة .
و قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
الرضا باب الله الأعظم و مستراح العابدين و جنة الدنيا ؛ من لم يدخله في الدنيا لم يتذوقه في الآخرة .
فاستسلم لقضاء الله وارضى بحكمه و أي مصيبة تهون ما دامت في غير الدين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *