سوء الصين العظيم!

في مرحلةٍ ما من حياتنا، يُطلب منا جميعاً البحث عن النعم في أوقات الاضطراب والارتباك، كما هو الحال عند مرور الإنسان بأزمةٍ خانقة وظروفٍ عصيبة.
غير أنَّه من الصعوبة بمكانٍ ألَّا تكون مُتشائِماً خلال مرحلة المرور بتلك الأزمة؛ عندما يكون الواقع المُعَاش صعباً ومريراً، وعندما يكون المستقبل مجهولاً ومشكوكاً فيه، أو عندما نكون قد خسرنا مَنْ أو ما نُحبّ.
يمكن لتلك الأزمة أنْ تشحن الأجواء بالخوف والهلع -لأنّ خلال تلك الأزمة- تُفَكّك الحياة التي تعرفها، وتستعد لإعادة بنائها؛ لتكون شيئاً جديداً لم تعهده من قبل. وكأنما عقبات من جبالٍ راسيات سُيّرَتْ من مكانٍ قصيٍّ؛لتكون حواجز تحوُل بيننا وبين تدفق الحياة.
ولسوء الحظ، أنَّه كلما ركّزنا في مخاوفنا وقلّة ما نملك في حياتنا؛ أصبحتْ الأشياء أكثر إخافةً وإحباطاً.
فكيف لنا أن نتوقّع المزيد في المستقبل إنْ لم نُقدّرْ ما نملكه بالفعل؟
لا بُدَّ من أنْ نكون متواضعين وننظر إلى ما لدينا؛ كي نكون ممتنين له حتى لو كنّا نفتقر إلى شيءٍ عزيز. فما نختبره خلال تلك الأزمة التي نَمرُّ بها مُؤقت وسوف يمضي هو الآخر. فالتركيز في نعمنا وترقّب ما سيأتي بروح الأمل؛ يمكن أن يساعدنا على استنفار الشجاعة ورباطة الجأش؛ لفتح بوابات اللطف في خضم الخوف والهلع والشك.
إنَّ من الوعي إدراك أنَّه بغية جَذْب المزيد من النعم التي تملك الحياة تقديمها، يجب أنّْ تُقدّرَ بحقٍّ ما تملكه بالأصل.
علينا فعْلُ ذلك بإيمانٍ صادقٍ، وعن يقينٍ عميق، وليس كمن نَكَثَ غزل شجاعته؛ فطفق في البلاد منادياً مُنذِراً، ولم يترك وسيلةً إلَّا ونشر بها خبره، حتى غدا -كما كانت تقول جدتي رحمها الله- مُبشِّر الموت، فنادى في أصحابه قائلاً:
“يبدو أنَّ موسم الهجرة للشمال قد فات موعده، وأنَّ الموت قادمٌ من جهة سور الصين العظيم، وكأنَّ الموت تجاوز سورها؛ ليحمل لنا سوء الصين العظيم”
انتهى كلامه أصلحه الله.
ويبدو أنَّ خوف صاحبنا وهلعه فاقَ جسارته النفسية وقوة إيمانه بلطف الله ورحمته التي وسعتْ كل شيء، وتغافل عن الجهود المباركة لدولتنا العظيمة ليس من أجل احتواء هذه الأزمة فحسب، بل تجاوزها بخيرٍ وسلام، وهي بهذه الجهود الكبيرة قَدّمتْ للعالم أجمع أنموذجاً يُحتذى في إدارة الأزمات، وجعْلُ سلامة الإنسان أولاً.
إنَّه من حسن الحظ، أنه حتماً سيأتي زمانٌ تبدأ فيه الابتعاد عن عين إعصار أزمتك. وبغضِّ النظر عن النتيجة، سوف تتنفّسُ الصعداء وتُعاود الركض مرةً أخرى خارج إطار الأزمة.
إنها تلك اللحظة من الزمن عندما يتعيّن عليك أنْ تخطو خطوةً تجريبيةً أخرى، وتوسّع المسافة بينك وبين أول خبرٍ مريع.
ففي أوقات الأزمات، لا بُدَّ لنا من الاستفادة من الطاقة التحويلية للأزمات نفسها.
هنا نرى التنقلات الذهنية التي تحدث عندما يجد الناس حياتهم تسير عبر المجهول نحو ما يُوشك على التجلّي.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

5 تعليق على “سوء الصين العظيم!

أ.نويفعة الصحفي

المستشار سليمانْ البلادي تحيةَ شكرٍ وتقديرٍ لكَ عبرَ هذا المنبرِ صحيفةَ غراسْ على هذا العطاءِ المتدفقِ عبرَ روشتةِ وعيِ والتي أصبحتْ جزءٌ منْ حياتنا الأسبوعيةِ . .
وهذهِ المرةُ كما توقعتها شخصيا فقدْ أبدعتْ فيها كعادتك روشتةً منْ يقرأُ ويعي محتواها لايملكْ أبدا التوقفُ حتى آخرٍ سطرَ فيها . .
فاللهمَ لكَ الحمدُ على نعمةِ الإيمانِ والثقةِ فيما عندَ اللهِ والأملِ الكبيرِ فيهِ عزَ وجلَ فقدُ علمنا الإسلامِ أنهُ لا قنوطَ منْ رحمةِ اللهِ تعالى وبهذا أمرنا ربنا ( قلْ يا عبادي الذينَ أسرفوا على أنفسهمْ لا تقنطوا منْ رحمةِ اللهِ إنَ اللهَ يغفرُ الذنوبَ جميعا إنهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ )
فالحمدللهْ على نعمةِ الوطنِ العظيمِ بإنسانيتهِ وحكمتهِ وقيادتهِ العظيمةِ وشعبهِ الواعي . .
واللهُ نسألُ أنْ يفرجَ الهمُ ويرفعُ عنْ الأمةِ ما نزلَ .

الوتد

مقالة وعي كاملة الدسم
لله درك أيها الكاتب
تكتب بقلم غير… قلم مختلف
وتفكر بطريقة مختلفة
وتسبح في بحور لا يجيد السباحة فيها الكثير من البحارة
وتقطف من الورد وردا لا يراه كثيرا من قاطفي الورد
وتسري بليلة غير مقمرة كون فكرك هو قمرها.

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

قال الحق سبحانه : ( إن الإنسان خلق هلوعا . إذا مسه الشر جزوعا . و إذا مسه الخير منوعا . إلا المصلين ) إلى آخر الآي الكريم ؛ فالمؤمن التقي يعلم يقينا أن لكل نبأ مستقر و أن رحمة الله قريب من المحسنين و أن مع العسر يسرا فلا يفرق و لا يخاف الخوف المقعد له ؛ بل يأخذ بالأسباب للتوقي من الآفات و يعلم – بعد ذلك – أن ما كتبه الله له ( له و ليس عليه ) خير .

أحمد بن مهنا

اختلط الناس في هذا الزمان عن بعد وعن كثب ، وضجت الأصوات فاختلط قول الغر بقول العاقل ونشرت المواقع كتابات الجهلاء ، كمن رفع أعلاما ملونة ، هي قطع من قماش شفاف فرفرفت مع عجات الهواء فاغتر بها حينا وارتعب منها حينا ، المرفّهون ، المرعبون على حياتهم ، وما أحكم تلك المقولة ( اعمل لدنياك كأنك تعيش الدهر كله واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) توازن !
– ماضر مثل أولئك المتطرفين ، إما إرجاف وتهويل وتخويف ، أو تطمين ومبالغة في التفاؤل ، لا يسيرون مع الجادة ، هم مع الحافة إما اليمنى أو اليسرى ، ( ويحسبون أنهم على شيء ) أسأل الله أن يصلح الأحوال ويصحح الأقوال . شكرا للكاتب ، صاحب الفكر المتجدد ،قد حركت رياح فكرك رواكد أفكاري ، دمت مبدعا.

فاطمه سعد

من اجمل ماقرأت خلال الازمه قمة الابداع والوعي 👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *