جاء الحجر المنزلي ليفرض علينا عزلةً لم تكن في الحسبان.
تأتي هذه العزلة -حتى وإنْ تضجّرنا منها-ومع الساعات الطوال التي نمضيها داخل بيوتنا بعيداً عن الركض المتواصل في دروب الحياة، لتجعلنا نتلمّسُ نعمةً خفيّةً عن أعيننا وسط ركام الكم الهائل من المشاغل والارتباطات.
••••••••••••••••
هذه النعمة الخفيّة يكمن جوهرها في التفكّر في ملكوت الله سبحانه وتعالى الذي يقود الإنسان إلى التبصّر والحكمة.
••••••••••••••••
ولعل ما يراه الإنسان في الكون من حوله من آياتٍ يجعله يعيد النظر إلى حاله في الحياة؛ حينها يدرك الإنسان أنَّ ما في الكون قد أوجده الله في داخله؛ فتسمو حاله وتعلو همته وتسكن السكينة والطمأنينة قلبه.
تحسب أنك جرم صغير * * * وفيك انطوى العالم الأكبر
••••••••••••••••
إنَّ التفكّر النافع يقود صاحبه إلى اليقين بعظمة الله عزّ وجل وقدرته سبحانه في الخلق.
“من لم يكن كلامه حكمةً فهو لغو، ومن لم يكن سلوكه تفكّراً فهو سهو، ومن لم يكن نظره اعتباراً فهو لهو”
••••••••••••••••
فيمكن للإنسان أن يجعل من وقته في الحجر المنزلي جزءاً للتدبّر والتأمّل والتفكّر.
قال ابن القيم رحمه الله:”فأحسن ما أُنفقتْ فيه الأنفاس التفكّر في آيات الله وعجائب صُنْعه”
••••••••••••••••
وهذا التفكّر لا يحصل إلَّا بما يكون صورة متخيلة في القلب أو العقل يدور حولها التفكّر، وهذا بدوره يُفْضي إلى معرفة الله عزّ وجلّ بالعقل والقلب، وحبه وخشيته.
••••••••••••••••
حينها تتحول نظرتنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق سبحانه وتعالى.
وبهذا التحوُّل الذهني الجميل يمكننا نقل الحجر المنزلي من حالة التّضجّر إلى حالة التّفكّر.
••••••••••••••••
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي