في الكثير من أوقات حياتنا نهتم بملء أذهاننا بالأفكار، وكأننا في صراعٍ من أجل من يملأ خزانة عقله بكمٍ وفيرٍ من الأفكار.
•••••••••••••
صحيح أن المعرفة الفكرية أمر جيد، لكن عندما نصبح مُكدّسين بالمفاهيم ووجهات نظر تصوراتنا الخاصة؛ حينها يمكن أن يعترض هذا الجيش من المفاهيم الطريقَ أمام الانفتاح على وجهات النظر الأخرى.
•••••••••••••
قام أحد طلاب العلم بزيارة لمنزل معلّمه.
وقد كَوّن الطالب -كونه قارئاً نهماً- العديدَ من الآراء حول ما كان متاحاً للتعلّم.
وبينما كان الطالب يتحدث، قام المعلم بملء كأس الشاي عند الطالب إلى حافته، وظل يصب بينما كان الشاي ينسكب خارج الكأس.
اعترض الطالب على سبيل التنبيه، فقال المعلم له:
“إنَّ ذهنك يُشبه هذا الكأس، إذ لا يوجد فيه أيّ متسع.
إذا أردتَ أن تدرس لديّ، عليك أولاً أنْ تُفرغ كأسك.”
•••••••••••••
إنّ حالنا ليس ببعيدٍ عن حال هذا الطالب، ولذا علينا أنْ نُروُّض أنفسنا على أن نكون في حال السكون في عدم المعرفة -وبدلاً من مواجهة العالم مع توقعات مُسّبَقة- يمكننا أن نتحرك في اتجاهه بروح الاهتمام بذهنٍ وقلبٍ متفتّحين.
•••••••••••••
وبذلك نتخلّى عن المحاولات التي ترمي إلى تأكيد ما فكّرنا فيه في السابق، وبدلاً من ذلك التشبُّث بوجهات نظرنا نبدأ في انخراطٍ وديٍّ مع ماهو موجود بالفعل.
•••••••••••••
إنّ علينا أنْ نكون أكثر وعياً بما يدور خلف كواليس عقولنا، فنظامنا التلقائي يسلك طرقاً ذهنيةً مختصرة، ويقوم بالتخمينات مستنداً دون وعي على ما تعلّمه في السابق بدلاً من الالتفات إلى وجهات نظر الآخرين بكل حُبٍّ وتقدير؛ مما يُفوُّت علينا فرصاً كبيرة للاستفادة والإفادة مما يُطرح من أفكارٍ ووجهات نظر.
•••••••••••••
ولذا يُمكنك أن تُشّرِعَ ذهنك على ما يطلق عليه اسم (ذهن المبتدئ) حيث الرغبة في أخْذِّ هدنةٍ قبل التعلّم، واختبار العالم من جديد.
•••••••••••••
ليس معناه التخلّي عن كوننا أذكياء، بل تعمل حكمتنا هنا على توفير مساحةٍ من أجل السماح للتأمل في وجهات النظر الجديدة.
••••••••••••••••••••••••••
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي