المتأمل للعالم الذي بداخلنا؛ يجد أنه عالم من الفكر والمشاعر والقدرات، من النور والحياة والجمال، وبغض النظر عن كون هذا العالم غير مرئي فإن قدراته عظيمة.
وما العالم الخارجي إلَّا انعكاس للعالم الداخلي، فما نراه في الخارج هو ما كان موجود أصلاً في الداخل.
ففي العالم الداخلي يمكن الوصول إلى حكمة متفردة، وقدرة قوية وعدد وفير من كل ما يلزم، كل هذا ينتظر كشف النقاب عنه وتطويره والتعبير عنه.
إننا إنْ أدركنا إمكانات هذا العالم الداخلي؛ فإن إمكاناته ستتجلى في العالم الخارجي.
إننا إنْ وجدنا الحكمة في عالمنا الداخلي؛ سيتكون لدينا الفهم لتمييز القدرات الكامنة في هذا العالم، وسيرزقنا الرزاق الكريم سبحانه وتعالى القدرة على تحقيق هذه الإمكانيات في عالمنا الخارجي.
عندما نعي هذه الحكمة الداخلية، ونسبر أغوارها؛ سنمتلك القدرة والفطنة التي ستترجم إلى كل ما هو ضروري ولازم لأفضل شكل من رقينا المتناغم.
ولعل هذه الحكمة الداخلية في أنفسنا نستلهمها من قوله تعالى:
(وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون) الذاريات:٢١
هذه البصيرة التي تقود صاحبها وتأخذ بنفسه نحو قراءةٍ واعية لداخله؛ فتكون الحياة لديه انكشاف وليست تراكم؛ فما يأتينا في عالمنا الخارجي هو ما كنا بالفعل نمتلكه في العالم الداخلي.
هذه الآية القرآنية العميقة في دلالاتها تجعلنا ندرك أنه يمكن للإنسان التعلّم من حكمة الخلية في جسده والتي يكون لديها الهدف الأسمى حيث تتفق كل خلية على العمل في جسدك من أجل مصلحة جميع الخلايا أولاً، ومصلحتها الفردية ثانياً.
فالأنانية ليست خياراً متاحاً.
إضافة إلى هدفها الأسمى تتمتع الخلية بإعلاء قيمة التواصل الفعّال؛ فتبقى كل خلية على اتصال بكل خلية أخرى.
فنجد أن الخلايا الناقلة للرسائل تتسابق في كل اتجاه لإبلاغ أبعد مراكز الجسد برغبة ونية صادقة.
فالانسحاب، أو رفض التواصل ليس بخيارٍ متاح.
وعليه فكل تملُّك يستند على وعي، وكل كسُّب إنما هو نتيجة وعي متنام، وكل فقد هو نتيجة وعي متناثر ومتناقض.
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي