الأيام المباركة.. بين البعد الروحي والاستلاب الذهني

الكل مولعٌ بالحصول على الثواب،لكن هل نُقدّر قيمة العمل الصالح في هذه الأيام العشر المباركة الذي نقوم به وتُعرب عنه جوارحنا،وهو شرط ملزم للتعبير عن رغبتنا الداخلية في الحصول على الثواب من الرزاق الكريم؟

فالعمل الصالح في هذه الأيام المباركة يمثل بُعْداً روحياً يُغذي أرواحنا بشرابٍ سائغٍ للعابدين والذاكرين ربهم.

كما يُعدُّ نصراً عظيماً من انتصارات النفس،وإرثاً انتقل إلينا عبر نسائم الهدي النبوي الذي أخرج الناس من ظلمات العقل إلى نور الحق وإشراق الروح.

هذا النصر يتمثل في أحد أهم جوانبه في التزود من غنائم هذه الأيام؛لعلها تسدُّ فجوةً تتبدّى في النفس فتردها إلى جادة الصواب،والصالح من القول والعمل قبل أن تفتك بها هوام المعاصي وتجرُّها نحو حالةٍ من الاستلاب الذهني،والانغماس في ملذات هذه الدنيا،ومطاوعة النفس في الاستزادة من الدنيا في سهوٍّ تامٍ عن الاعتدال التي أمر بها ديننا الحنيف.

فيغدو ذلك الطمع في حالة تماهٍ مع السهو كقيودٍ غليظةٍ شدّتْ وثاقها،وأحكمتْ عُراها،وأعلتْ أسوارها؛فحجبتنا عن استثمار صحتنا وأوقاتنا لما فيه صلاح دنيانا وآخرتنا.
يأتي هذا الاستلاب الذهني في مشهدٍ ديناميكي ليجمع بين حالين:
الأول،حضور النظرة الآنية للأمور واستعجال قطف الثمار قبل وقت حصادها.
الثاني،غياب النظرة الشمولية التي تَمدُّ صاحبها بعينٍ ثاقبةٍ،وبصيرةٍ نافذةٍ،وحكمةٍ سابرةٍ.

تأتي الأيام العشر المباركة ذات الدلالة الضمنية الواضحة؛لتمكين العبد الصالح من العمل الصالح عبر شقِّ طريقٍ له يقوده للنفاذ إلى التقرّب من خالقه سبحانه وتعالى والتزوُّد بكمٍ وافرٍ من الطاعات والأعمال الصالحة.

في حين أنَّ هذا الأمر لا يتأتى لمن طاوع أهوائه ورغباته وأطلق العنان لشهواته،وعبرَتُه هذه الأيام دون أنْ يترك فيها أثراً،ولا يُحَمّلُها خبراً.

فعلى الإنسان أنْ يُشمّرَ عن جوارحه؛من أجل استثمار الخيرات،ورغبةً في حصول الثواب عبر إعادة الروابط الروحية مع مصدرها،فلا تعود تعود تلك الأرواح منقطعة في بِيّْدِّ المعاصي؛تعبث بها رياح الخطأ،وتغطيها رمال الزلل؛إِذْ أنَّ العجز عن اختيار النافع والمفيد يستلب حرية المرء،والتفريط في هذا الاختيار؛يجعله بعيداً عن كل ما يُقرّب من خالقه،قريباً من كل ما يُبعده عن رحاب خالقه.

سليمان مُسلِم البلادي.
مستشار الوعي الإنساني.
@solimanalbiladi

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “الأيام المباركة.. بين البعد الروحي والاستلاب الذهني

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

اللهم اغفر و ارحم المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات .
اللهم وفقنا لما تحبه و ترضاه من صالح الأقوال و الأعمال .
و جزاك الله خيرا أخي سليمان على هذه الإطلالة السبتية المميزة .

ليلى حافظ

مقال رائع و محفز لعمل الخير في هذه الايام المباركة
جزاك الله خيرًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *