جاءت جائحة كورونا لتفرض نمطاً جديداً ومغايراً لصورة الحياة التي اعتاد عليها البشر.
هذا النمط الجديد والمختلف كلياً جاء ليُسيّرَ حياتنا بأوامر ديكتاتور وحشٍ كاسر يثير الذعر والرعب من مجرد ذكر اسمه في مكانٍ ما،إضافة إلى أنَّه ألزم البشر بأوامر صارمة، وألحقها بعواقب شديدة لمن تُسوُّلُ له نفسه بالتلاعب بتلك الأوامر.
ومع الوقت تَقبّلَ بني البشر هذا الأوامر على مضضٍ؛ فكانت أولى بشارات هذا التقبّل أنْ منحوا تلك الأوامر الصارمة وسماً أنيقاً اسموه بالبرتوكولات الوقائية.
فبدا وكأنَّ الحياة قُدّرَ لها وفق تلك البرتوكولات.
وهكذا بدأتْ وتيرة الحياة تعود، وتزامنتْ هذه العودة مع بداية العام الدراسي الجديد والذي سيأخذ شكلاً مغايراً في كل جوانبه.
ولعلّ الجانب الأهم من تلك الجوانب جانب تلقي الدروس عن بُعد.
وهذا أشعر الكثير من الأسر بجسامة الأمر وعظم تحمّل مسؤوليةٍ كانت تنوء بالجزء الأكبر المؤسسة التربوية الكبرى (المدرسة).
جاء التعليم عن بعد على حين غرة؛ ليطلب منا وعلى وجه السرعة إعادة الصياغة الذهنية لدى الأسرة عبر تنمية ثقافة التعليم الجديد عند النشء.
ولتنمية هذه الثقافة؛ يستلزم توفُّر الوسائل المُعِينة على ذلك، ويأتي في مقدمة تلك الوسائل الدور الكبير الذي تلعبه الأسرة كمحضنٍ تربوي جوهري فاعل في التهيئة النفسية والمادية، والشروع في عمل جدول يومي يتوافق مع الجدول المدرسي المعد مسبقاً من قبل إدارة المدرسة لشرح الدروس، والوقوف بجانب الابناء خصوصاً أنها تجربة جديدة يعيشها المتعلمون لأول مرة.
كما أنَّ الإعلام يتقاسم هذا الدور مع الأسرة في صياغة اتجاهات إيجابية نحو هذا النوع من التعليم مما يعزز فرصة الاستفادة منه.
كما أنَّ تعزيز التوجه نحو الوسائط الرقمية لدى الابناء ذات المحتوى الجيد والمناسب يزيد من السلامة الرقمية للنشء والتي بدورها تساهم في جودة الحياة الرقمية لديهم وتوعيتهم بتحديات العالم الرقمي وتشجيعهم على استخدام هذه الوسائط بشكل إيجابي وآمن.
ويلعب أولياء الأمور دوراً أساسياً في عمليتي الرقابة والإشراف على محتوى الوسائط الرقمية، أو خلال وجودهم في منصات التواصل الاجتماعي بشكلٍ عام.
كذلك على المؤسسات التربوية الأخرى الالتزام بالخطوات التشريعية التي اتخذتها الدولة؛ حيث أن هذا الالتزام يعتبر ترجمةً لالتزام تلك المؤسسات بحماية وتثقيف النشء من التأثيرات السلبية والمخاطر الناجمة، والمضي قُدماً في توفير وسائط رقمية ذات محتوى علمي ومعرفي جذاب يتناسب مع المرحلة العمرية للنشء مما يسهم في الاستفادة القصوى من محتواها، وبالتالي يخلق لديهم ثقافةً واعية نحو الاستخدام الأمثل لتلك الوسائط الرقمية.
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي