ليس كل من تغلّى تخلّى!

عادةً ما نربط التخلي مع فعل الترك وما يعقبه من خسارة.
أن تتخلى فذلك ينطوي على شكل من أشكال الإحجام الواعي المتعمد،وليس مجرد الترك القسري البسيط.
إن التخلي أكبر بكثير من مجرد الترك.
إنه فعل إعتاق عميق لشيء ما.
فليس ما تفقده هو ما يحددك ويعيقك ويعرّض طريقك نحو حديثك.
إن ما يعترض طريق حريتك هي بعض العادات،البرمجة التي لم تتركها وتحتاج إلى أن تتخلى عنها.
لا يتعلق الأمر بالحصول على المزيد.
بل إنه يتعلق بالتخلي عن المزيد .
أصبحت الجدران،والعقبات،والحواجز الذهنية والعاطفية التي شيدناها في الأصل من أجل حمايتنا في نهاية المطاف هي الأشياء ذاتها التي تسجننا.
الآن،من أجل أن نتحرر،يجب أن نتخلى عنها،ونفكك ونهدم الأشياء ذاتها التي بنيناها بعناية ذات مرة؛لأننا نعلم أنها لم تعد تخدمنا.
عند نقطة معينة في عملية تحولنا الشخصي،تغدو تلك القشرة الصلبة لأنماطنا التي بدأت بوصفها حماية لنا عندما كنا صغاراً من أجل أن تبقينا سالمين،أو تجعلنا نشعر أننا أقوياء،تصبح غير ضرورية بعد الآن.
ليس التخلي عن حمايتنا القديمة متعة. إنه يتطلب عملاً شاقاً،تماماً كما يعمل الحرفيون ضربهم الجاد على قالب الفخار الصلب بجدية.
على الرغم من ذلك،فإن الإزالة ليست إلَّا مجرد تجهيز لما سوف يأتي بعد ذلك، وسوف يكون تدفق المزيد من الحب،والرؤية،والإبداع،والسلام تلقائياً بمجرد التخلي عما يعيق الطريق.
لذا عليك وأنت في طريقك لاكتشاف الذات،أن تُحَوّلَ الطريقة التي تعمل بها والتي تتسبب في إعاقتك وسجنك،وتحتاج لأن يتم إزالتها لعلك تشعر بضغط داخلي،حيث يضغط الوعي الجديد في داخلك على الأنماط القديمة،ويتوق إلى الخروج والتحرر؛ليصنع بداخلك إنساناً وليداً لأول مرة تلقاه.

سليمان مُسلِم البلادي.
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *