تَرْمِي بِشَرَرٍ!

عندما نتمسك باللوم والمرارة؛ فإننا نخلق صخوراً اهتزازية في قلوبنا تعرقل تدفُّق الحب الذي يريد الخروج،وتعرقل تدفُّق الحب الذي يريد الدخول.
فهذه الصخور من الغضب، واللوم، والمرارة لا تسمح لنا أن نشعر بما يمكن أن نشعر به من الفرح.
إنها لا تسمح أيضاً لنا أن نكون قادرين على أن نأخذ، أو نعطي بالطريقة التي نستحق.
إنها تخلق سدوداً طافية تخرب سعادتنا.
في البداية عندما يتم إيذاؤك، أو تساء معاملتك؛ يعمل ذلك على تزويد نار غضبك بالوقود، ولكن في مرحلةٍ ما تنتهي تلك الحادثة، أو تلك العلاقة ويمضي الوقت.
ولكن ثمة أمور، أشخاص، أو أفكار تعمل من أجل الإبقاء على نار المرارة مشتعلة، وتجد نفسك -دون وعي- تعمل على الاستمرار في تزويدها بالوقود وتغذية نار اللوم؛ فتسترجع في ذهنك ما حدث مراراً وتكراراً، وتتحدث باستمرار عما حدث، وكم كان فظيعاً.
كذلك تَشنُّ حملةً سلبيةً حول الشخص الآخر عن طريق القيل والقال، وسرُّد قصتك، ومحاولة ضم الآخرين إلى ثورة غضبك.
وهكذا نجد أننا لا نسمح لأنفسنا بالشفاء، وبأنْ ندع حوادث الماضي تصبح ذكريات عن الجرح، وليست جرحاً حقيقياً؛ لأننا نصبح عالقين في فخ إعادة جرح أنفسنا.
إننا بهذه الحالة نشبه مُشغِّلِي الحرائق العاطفية، إذ نُعيّد إشعال الحرائق القديمة مراراً وتكراراً بدلاً من أن ندع الماضي يكون ماضياً.
وهذه الحالة تتطلب الكثير من الطاقة وقوة الحياة من أجل الإبقاء على حرائق الغضب مشتعلة.
وفي كل هذا استنزاف لطاقتنا.
صحيح أنَّ هناك ثمة انكسار قلب وتخلّي لا تتعافى منه أبداً، لكن علينا ألَّا نسمح بالتخليات اللازمة أن تكسرنا، بل أن تخلق الانفتاح عندنا.
إننا لا يجب أن نستثمر طاقتنا في تلك الأشياء التي من شأنها أن تسلبنا قدرتنا على إيجاد الفرح في الحياة، بل علينا أن ننهض وندرك أن المعالج الأول لأي أمر نَغّص علينا حياتنا هو صنع خيار الحب في يومنا الذي نعيشه.
فعندما يجعلك إنسانٌ ما تعاني؛ فذلك لأنه يعاني في أعماق نفسه من ألمٍّ ما وتتدفق معاناته خارج نطاق ذاته، وبالتالي تصلك قطعاً من شرارة ما يعانيه.
ولتجاوز تلك القطع التي ترميك بشرر، عليك أن تدرك أنها حياتك الخاصة التي تغذيها بخياراتٍ واعية تجعلك تعيشها ببهجة وسعادة بعيداً عن سطوة اللوم وعواقبه الوخيمة.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “تَرْمِي بِشَرَرٍ!

أحمدبن مهنا

لعله من فطرة الله التي فطر الناس عليها ، أن يتحسروا ولعل لعم في ذلك خير في مستقبل أمرهم ! فمن شعر بحسرة حذر من وقوعه فيها ثانية ، فلايلدغ من جحرمرتين، وكم وقع التحسر من فضلاء أنبياءوعلماء وحكماء ! وقد كان من فهمهم ما تضمنته المقالة هذه ، من توظيف للماضي ليكون من أسباب سعادة الحاضر والمستقبل ، فالمرء لابد أن يشعر بجروح الماضي لكنه عندما يعمل ( على إيجاد الفرح في الحياة ) كما قال الكاتب القدير فإنه سبجد متعة وسرورا من مصادر متعددة ، أولها الاتجاه النفسي نحو السرور … شكرا أ. سليمان إن مجرد محادثتك للفكر تفتح أبوابا للسرور وتخلق في مخيلته شخوصا للفرح .

سليمان البلادي

وافر الشكر والتقدير استاذنا القدير لتعقيبك الثري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *