إن كل إنسان هو في الحقيقة سلسلة من الأحداث المنفصلة.
لكننا نجد أنَّ ثمة روابط بينها؛ حيث كل حدث هو نتيجة للحدث الذي سبقه ويليه دونما أي فاصل زمني.
ويعطي التتابع اللامنقطع للأحداث وثيقة الترابط انطباعاً بالاستمرارية، أو الهوية، لكن ذلك ليس إلا واقعاً ظاهراً لا الحقيقة المطلقة.
إننا قد نظن أن دور الشمعة شيء ثابت، لكننا إنْ أمعنا النظر لرأينا أنها في الواقع شعلة صاعدة من فتيلة تحترق برهة، ثم تحلُّ مكانها شعلة جديدة برهة بعد برهة.
ففي كل لحظة ينشأ شيء جديد؛ ليصبح من نِتاج الماضي عندما يحل مكانه شيء جديد في اللحظة التالية.
غير أن تتابع الأحداث سريع ومتواصل إلى درجة يصعب تَبيُّنه معها.
ولا يستطيع المرء أن يقول عند نقطة معينة في السياق إنَّ ما يحدث الآن هو الذي سبقه بذاته، كما لا يمكن القول إنه ليس الذي سبقه بذاته.
وعلى الرغم من ذلك تحدث العملية التعاقبية.
إن ما يعنيك من هذا الأمر هو أن تدرك بالطريقة نفسها أن الشخص ليس وحدة مكتملة لا تتغير، وإنما هو منهج يتدفق من لحظة إلى أخرى.
أي ليس هناك ” كائن ثابت” حقيقي، بل مجرد تدفُّق مستمر ونهج صيرورة دائم.
وبِناءً على ذلك ينبغي لنا في الحياة اليومية أن نتعامل مع بعضنا البعض كأشخاص ذوي طبيعة محددة في أغلب أنماطها، لكنها قد تكون متغيرة بنسب متفاوتة تزيد أو تنقص دون أن يؤثر ذلك على جوهر طبيعتها المحددة.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي