الكينتسوجي!

الكينتسوجي فنٌ ياباني للترميم بالذهب.
وهو كلمة مكونة من جزئين: ذهب، وترميم.
وتعني إصلاح وترميم الآنية المكسورة من خلال سدّ الشروخ بطلاء اللَّك، ثم تغطيتها بعناية بالذهب.
ومع الوقت أصبح الكينتسوجي فناً وطنياً ليس لإصلاح الأوعية المكسورة، بل للاحتفاء بالعيوب وتجاوز الضرر الذي لحق بها.
ويمكنك أن تفكر في رمزية هذا الفن فيما يتعلق بحياتك.
فيمكن أن ترى كل ما مررت به من انكسارات وصعوبات وآلام بمثابة أنوار وأشعة ذهبية وجمال خفي.
كما أنَّ هذا الفن يعلمك أنَّ ما انكسر فيك هو ما يجعلك أقوى وأفضل من أي وقتٍ مضى.
فعندما تجد نفسك مكسوراً يمكنك ببساطة التقاط الأجزاء ولصّقها معاً، وتتقبل الشروخ التي ستظل بداخلك بنفسٍ راضيةٍ مطمئنة.
إنَّ هذا الفن يُلّهمنا إلى أنه بقدر ما كانت الصراعات والآلام والمحن موجعة؛ فإنه يمكن إصلاح كل الأذى الذي مررت به في حياتك من خلال الترميم الذي قمت به.
فعندما نغير طريقة تفكيرنا في انكساراتنا؛ نُخّرجُ منها نسخاً أكثر جمالاً ورقياً من أنفسنا، وتتحول تلك الانكسارات التي بداخلنا إلى مصدر إشعاع من خلال القيام بالعمل المطلوب وبذل الجهد.
يعلمك هذا الفن أيضاً أنْ تكون مُحِباً لنفسك رحيماً بها.
فتقبُّل الانكسارات يعني أنك تتقبل نفسك وتحبها، وأنْ تسامح نفسك أولاً قبل أن تفكر في مسامحة الآخرين.
وستدرك أنَّ الأجزاء الأهم والأجمل في نفسك هي تلك التي تحطمت، ثم رُمّمتْ وشُفّيتْ.
وكأنك تقول لصفي روحك:
إذا كنت تستطيع رؤية قلبي؛ سترى شروخاً ذهبية في كل مكان. بعضها عميق، وبعضها لا يزال في طور الترميم، ولا يزال هنا الكثير منها في الطريق.
إنَّ الكينتسوجي طريقة لعيش الحياة بمنطق “لا أحد مثالياً” وأنَّ مسار حياتنا ليس بالضرورة أنْ يكون مستقيماً وخالياً من الندوب وحُفّر الأحداث.
وسيمنحك هذا الفن فهماً جديداً مفاده أنَّ أصعب التحديات وأعمق الجروح وأكبر المخاوف هي التي كَوُّنتْ أجمل وأثمن وأفضل ما لديك.
كذلك أنَّ تثبيت أنفسنا في معيار “الكمال” أمرٌ مثبط للهمة.
فالكمال عابر،أما النقص فهو شيء لا يُخشى منه.
وبناءً على ذلك ستبدأ في تقبُّل اللحظات غير المثالية، والأشخاص المزعجين، والأيام غير المثالية،ونفسك غير الكاملة،والحوارات الصعبة.
فأحياناً عندما تصل إلى الشاطئ الأخر من الحياة؛ عليك أن تكون ممتناً لهذا المشهد الجميل غير الكامل.
وأنه بينما تحدث الأشياء السيئة لا محالة؛ فإنها تُمثل فرصةً لنا؛ لكي نمارس التعاطف والرحمة بالآخرين.
إنه عندما نتبنّى مفهوم هذا الفن؛ فإننا نتقبل حدوث أمر سلبي في حياة كل منا، وأنه لا بأس بأنْ نشعر بالحزن قليلاً،بل من الصحي أن نشعر به بعمق.
كما أنه من الطبيعي تماماً أن نكافح ضد الصعاب.
وأنَّ هناك لحظات يمكن من خلالها أنْ نتعلم أفضل كيف نغوص عميقاً، ونقبل أنفسنا في كل جانب من جوانب الحياة مهما لحقتْ بآنية قلوبنا من انكسارات.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “الكينتسوجي!

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

نعم ، و كذلك التفكير بأن الجروح تسمح للضوء بالدخول إلى ذاتك لتنيرها و تكشف الغشاوة عن أشياء كثيرة كانت مبهمة و غير واضحة سابقاً و يمكن لهذه الجروح أن تندمل يوماً ما ؛ لكنها ستكشف لك الكثير عن ذاتك و عن العالم من حولك .. و لا تنسى أن لك رباً رحيماً تلجأ إليه في كل انكسارات ذاتك .

غير معروف

يحكى ان الإمام فخر الدين الرازي خرج يوماً الى السوق ومعه جمعاً من تلاميذه بنيسابور ورأته عجوزاً مانت واقفه بباب بيتها وسألت احد تلاميذه من هذا ؟ فقال لها هذا الإمام الرازي الذي اوجد الف دليلاً على وجود الله
فقالت وهل وجود الله يحتاج الى الف دليل والله لو لم يكن لديه الف شكٍ لما احتيج الى الف دليل وهل وجود الله يحتاج الى الف دليل ويقال انه حين وافته المنيه انه قال انه على عقيدة نساء نيسابور
فالمقصود ان مافي كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم مايغنينا عن كثير من الأفكار والأراء والتي قد تصل بالإنسان في نهاية المطاف عند تتبعها واعتقادها الى ان نضل الطريق الموصل الى المنهج السوي في كل امور حياتنا ونسأل الله الهداية والتوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *