نسبة الخطأ عليك 50%!

من الصحة النفسية أن نعي أنَّ ثَمّةَ أجزاء في حياتنا لا يمكننا السيطرة عليها بغض النظر عن مدى دقتنا في التخطيط.
فالمبالغة في السيطرة تُشير إلى خوفٍ يتوارى خلف الرغبة الجامحة في السيطرة على كل صغيرةٍ في حياتنا.
فمثلاً إذا كانت حريتك النفسية وسلامك الداخلي يعتمد على الشخص، أو الشيء الذي تريد السيطرة عليه؛ فإن ذلك الشيء، أو ذلك الشخص يقرر كيف تشعر.
وبتعبير آخر تكون أنت تحت سيطرته، بينما في ذهنك أنك أنت المسيطر عليه وبيدك زمام الأمور.
وهذا وهمٌ ذهني عليك التنبّه له.
ولذا علينا إدراك أنَّ محاولة السيطرة على حياتنا تَحُوُّلُ دون استمتاعنا بالأشياء التي نحاول حمايتها في المقام الأول.
وكذلك مما ينبغي إدراكه والوعي به أنَّ التركيز على تفادي الأمور السيئة يَحُول دون حدوث الأمور الجيدة، وأنَّ هناك دائماً نسبة حدوث أمور سيئة في رحلتنا نحو تحقيق أهدافنا الإيجابية.
فهناك هامش من الخطأ يمكن أنْ يحدث مهما حاولنا تفادي وقوعه.
وقياساً عليه فمن الصحة النفسية إدراكنا بأنه مهما بلغتْ سلامة نواياك وصفاء سريرتك؛ فمن الوارد جداً تعرُّضك للأذى.
وهذا الأمر من الأشياء التي يقصر جهدك دون حدوثها، أو السيطرة عليها في حال حدوثها.
في المقابل نجد أنَّ وقوع هذا الخطأ، أو تعرُّضك للأذى عامل مهم في عملية صقْل مهاراتك في التعامل مع الآخرين،وشرطٌ جوهري لتوُّليد الأفكار التي تُمكِّنك من التحوُّل الذهني.
ومما يُهوّن عليك الأمر وتقوية نفسك إن عدم التعرض للأذى؛ يمنعك من التواصل مع نفسك والآخرين، كما أنه سيحول دون التواصل مع الشخص الذي تريد أن تكونه.
ذلك لأن تحسين الحياة يستلزم توجهاً استباقيّاً،بينما تتعلق السيطرة بالتوجه الاستجابي الغير واعية.
فعندما تتقبل حقيقة أن الحياة لا تصفو لنا دائماً،وتتعلم كيف تتعامل مع هذا الحال بفاعلية؛ لن تزداد مرونتك في التعامل مع الأمور على المدى الطويل فحسب، بل ستصبح كذلك أكثر إبداعاً، وتغدو أكثر استمتاعاً بالحياة وتقبُّل منغصاتها، وتَنعم بسلامٍ داخلي على نحو غير معهود.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *