عندما نتمكن من الانتقال إلى مستوى أعلى من الحُبِّ، وهو تقبُّل إنسانية الآخرين والتعاطف مع معاناتهم -وهذا أسمى معاني الرحمة وأعظم تجلياتها- بوضع أنفسنا في مكانهم؛ يغدو التسامح مع الآخرين أمراً ممكناً، ويصبح التسامح الذاتي والتخلص من الشعور بالذنب هدفاً في متناول اليد.
فمع زيادة وعي معرفتنا بأنفسنا الحقيقية؛ تزيد حصانتنا ضد الألم ومنغصات الحياة، ونصل إلى مرحلة تقبُّل طبيعتنا البشرية وطباع الآخرين.
إنه بسبب التغيير الكبير في الطريقة التي نرى فيها الآخرين؛ ندرك البراءة الداخلية الكامنة خلف الصراعات المحمومة التي يُوجّهها الخوف.
تلك البراءة المخبّأة بداخلنا وبداخل من حولنا، وكل من نتقاسم معهم هذه الحياة.
إن السلبية التي نراها في شخصٍ ما وفي المجتمع ما هي إلا بسبب العمى والجهل واللاوعي.
وبمجرد ما يتم إدراك البراءة الداخلية لدى الآخرين؛ يتم إدراكها داخلنا أيضاً.
وبمجرد ما نرى براءتنا؛ نتماثل مع الآخرين وينتهي الشعور بالوحدة والتوجّس والتوتر؛ فنصبح قادرين على رؤية البراءة الكامنة حتى خلف أكثر السلوكيات فظاعة وطيشاً.
فالآخرين قد توصَّلوا إلى أسلوب إدراكهم للحياة ووجهة نظرهم الأخلاقية بطريقة تبدو منطقية بالنسبة لهم حتى لو كانت معتقداتهم وسلوكياتهم مختلفة تماماً عنّا.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي