تجاربك القديمة .. بأي وادٍ دُفِنتْ؟!

إذا كان لديك تجارب قديمة لا تزال تنبض في داخلك؛ فقد تعتقد أنها مجرد ذكريات، ولكنها أكثر من ذلك.
إنها ليست ذكريات إذا كانت لا تزال تحمل شحنة عاطفية معها، فهي لا تزال على قيد الحياة، وتُبَثّ في الوقت الحاضر.
نحن عادةً لا ندرك أنه يوجد لدينا بث “لبرامج اهتزازية قديمة”.
فيذهب اعتقادنا بأنها قد تكون لدينا مجرد تجربة مزعجة من قبل أفكار، أو مشاعر ضالة، يبدو أنها تأتي من العدم،ولا نستطيع تحديد أصلها.
تماماً مثلما تسمع صفّارة، أو جرساً كهربائياً يُحدث دويّاً كبيراً في منزلك.
فأنت تسمع الصوت، ولكن عدم معرفتك كيف تُطفِئه قد يقودك إلى شيءٍ من الاضطراب.
إن تفكيرك يعمل بالطريقة نفسها، فطبيعة التفكير هي ذاتها، فهو يريد أن يرتب كل شيء حتى يكون له معنى، وفي الغالب سوف يأخذ بث الاهتزازات القديمة، ويبحث عن دليل يثبت أن مصدرها موجود في الوقت الحاضر.
وعليك أن تدرك جيداً إن أول شخص يستقبل البث هو أنت. فأنت المُستقبِل الأول لجميع أفكار موجاتك.
فعندما يكون هناك اهتزاز قديم يُبَثّ من داخلك، مثل الخوف، ولا يعرف تفكيرك من أين يأتي اهتزاز الطاقة؛ فإنه سوف يبحث عن شيءٍ ما كي يُعلِّقه عليه في واقعك اليومي الحاضر.
ولن يقوم تفكيرك بتسجيله على أنه رسالة ذبذبات قديمة، أو عفا عليها الزمن، بل سيشعر وكأن هذا الأمر يحدث في الوقت الحاضر.
مثلاً، قَدَّمَ إليك رئيسك في العمل بعض النقد البناء، وفجأة شعرتَ أنك مرفوض وامتلأتَ بمشاعر عدم الجدارة والاستحقاق.
هذه الحالة تُسمى “عملية الإسقاط”.
فأنت تُسقط تجربتك الاهتزازية الداخلية على كل مَن حولك، أو كل ما حولك.
وأنت تختبر فعلياً حقيقة الوقت الحالي من خلال مصافي واقع الاهتزازات القديمة.
ومما يزيد الأمر تعقيداً هو أنك لا تدرك أنك تقوم بعملية الإسقاط، بل تؤمن حقيقةً أنّ ما تشعر به يحدث حقّاً.
بالطبع، ليست جميع مشاعرك وردود أفعالك تنشأ من ذكريات الاهتزازات، ولكنك ترى العالم من خلال عدسات نظارات الاهتزازات القديمة أكثر مما تدرك ذلك.
كل هذا يحدث؛ لأنك تعيش في العتمة؛ فتأتي تفسيراتك وردود أفعالك متطابقة لغياب نور الوعي وغشيان العتمة.
وطريقك نحو الخروج من هذه العتمة هو معرفة كينونة تلك الاهتزازات (بماذا تشعر؟)، ثم الانتقال إلى الجذر العميق والمصدر الأساسي لها، ومن ثم معرفة أسبابها والعوامل المُهَيّجة لها (لماذا أشعر بهذا الشعور؟)
وهذا يتطلب منك الصدق والشجاعة وحسُّن الاستشارة حتى تصل إلى نتيجةٍ ملموسة.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “تجاربك القديمة .. بأي وادٍ دُفِنتْ؟!

أحمد مهنا

وصف لعناصر دورة تدريبية .. فقط تحتاج إعادة برمجة لتكون في حقيبة ، ثم هي تكون بيد مدرب مثلك لتكون دورة مميزة في تطوير الذات .
أنت مبدع .

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

ما شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *