مِنْ أشد الأمور خطورةً على الإنسان أنْ يعبر ذاته عبر أفكاره أو مشاعره وكأنها أخذتْ الصفة التي يتمثّل بها والهيئة التي يظهر عليها حتى غدتْ كينونة شخصيته.
وهذا الأمر ينبغي على الإنسان التنبُّه له وللأضرار الناجمة عنه.
فمثلاً، إذا كانت هنالك تعاسة في داخلك، فأنت تحتاج أولاً إلى أن تعترف بوجودها.
وحين تعبر عنها لا تقل: “إنني تعيس” فالتعاسة لا علاقة لها بماهيتك.
بل قل: “هنالك تعاسة في داخلي”
ثم تَحَرَّى أمرها.
فقد يكون هناك وضع معين وجدتَ نفسك فيه هو المسؤول عن هذا الشعور بالتعاسة. وربما يكون التحرك مطلوباً لتغيير هذا الوضع، أو لإخراج نفسك منه.
إذا لم يكن هناك ما يمكنك فعله؛ فعليك بمواجهة ذلك وقل: “حسناً، في الوقت الحالي هذه هي حقيقة الأمر. يمكنني إما تقبُّل الوضع ومن ثم الشروع في معالجته على نحوٍ بَنّاء، أو أنْ أُدخلَ التعاسة إلى نفسي “.
إنَّ السبب الرئيس للتعاسة ليس الوضع الذي تجد نفسك فيه، بل فكرتك عنه التي تقودك إلى كيفية التعامل معه.
لذا يكون أفضل أفكارك عن هذا الوضع هو ما يكون محايداً.
فهذا الوضع، وها هي أفكاري عنه، وبدلاً من اختلاق القصص، التزمُ بالحقائق وابدأ في التعامل وفق هذه الحقائق بما يحقق لي نتائج مثمرة على المدى الطويل.
على سبيل المثال، فإن عبارة “إنني مدمر” هي كناية عن قصة.
وهي تعمل على تقييدك ومنعك من التصرف بفعالية.
بينما عبارة: “أخفقتُ في الاختبار نتيجة ضعف استعدادي له” هي واقع ويتحتم عليّ مواجهته بصورة جيدة.
ومواجهة الوقائع دائماً تعزز قوة المرء، لكن حذارِ من أنَّ ما تفكر به يؤثر إلى حدٍّ كبير في مشاعرك.
فمن الوعي أن تتضح لك الصلة بين تفكيرك ومشاعرك، وبدلاً من أن تكون ماهيتك هي ذاتها أفكارك ومشاعرك، كُنْ أنت الوعي الذي يقف خلفهما ويُديّر حركتهما بحكمةٍ وبصيرة وصولاً إلى خروجك من أزمتك.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي