يَتفاوت مفهوم مصطلح الوعي ودلائله وفقاً للمجال المقترن به؛ فيشير أحياناً إلى اليقظة نقيض النوم، كما أنّه يُمكن الإشارة به إلى أنّه العمليات السيكولوجية التي يقوم بها الإنسان شعورياً، كما أنه يُشار به إلى المدلول العام إلى أداء مجموعة من الأنشطة في مجال معين.
ويصنّف الوعي لأربعة أصناف، وهي:
• الوعي العفوي التلقائي:
يعتمد هذا النوع على الأساس الذي ينتهجه الفرد خلال قيامه بنشاط ما.
ويمتاز بعدم حاجته لنشاط ذهني كبير؛ إذ لا يؤثر على أداء عمل آخر، ويمكن للفرد أداء أكثر من نشاط إلى جانب الوعي العفوي التلقائي.
• الوعي التأملي:
يختلف هذا النوع عن الوعي العفوي التلقائي اختلافاً تاماً من حيث القدرة على ازدواجية النشاطات؛ إذ يحتاج إلى التركيز كاملاً في الوعي التأملي، وأن يكون الفرد حاضراً ذهنياً بشكل تام، ويعتمد على عدد من القدرات العقلية العليا كالذكاء، ويرتبط بالتحليل والتخطيط وسرعة التعلم والإدراك، ويمثّل العمليات التي يمارسها العقل البشري لمعرفة المحيط الخارجي، والذاكرة التي تتمثّل بمدى قدرة الفرد على استرجاع المعلومات السابقة أو المخزنة في العقل.
• الوعي الحدسي:
وهو ما يدركه الفرد بشكل مباشر دون سابق إنذار، ويتيح الفرصة أمام الفرد بإدراك ما يحيط به، ويكون الفرد بذلك قادراً على الاستدلال بهذا النوع من الوعي.
• الوعي المعياري الأخلاقي:
يُبنى الوعي المعياري الأخلاقي على مجموعة من المعايير التي تجعل الفرد يصدر الحكم على شيء ما بِناءً على مدى قبوله بها أو رفضه لها، وتعتمد على القناعات الأخلاقيّة المكتسبة لدى الفرد، ويرتبط بشكل كبير بالمسؤولية لدى الفرد ذاته تجاه نفسه وتجاه المجتمع.
اُشتقتْ الإنجليزية كلمة ( واعٍ) من كلمة لاتينية مركبة تعني ترجمتها الحرفية ( أن يعلم عن طريق)، ولكن كيف يمكننا أن نعرف ما يعلم المرء عن طريق (أي عن طريق ماذا)؟
إن الجزء اللاواعي من ذهننا هو من يملك المعرفة الاستثنائية، ويعلم أكثر مما نعلم في وعينا.
وحين نصبح واعين بحقيقة جديدة ما؛ فإن مرد ذلك هو إدراكنا أنها تُشكّل حقيقة – بما يعني بصورة ما أننا نعيد معرفة – ما نعلم به منذ زمن بعيد.
ومن ثم ألا يمكن أن نستنتج أن الوعي يعني أن يعلم المرء عن طريق اللاوعي؟ يمثل تطور الوعي تطور إدراك عقلنا الواعي للمعرفة مع عقلنا اللاواعي الذي يملك تلك المعرفة بصورة مسبقة. ويُشكّل ذلك عملية تحدث بالتزامن بين العقل الواعي واللاوعي، ولا يجدر به أن يكون غريباً في نظر المعالجين النفسيين، الذين يعرفون العلاج غالباً بأنه عملية (جعل اللاوعي واعياً)، أو توسيع عالم الوعي بالعلاقة مع عالم اللاوعي.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي