الانتباه إلى المفاتيح الدالة التي توفرها التفاصيل الصغيرة أمرٌ في غاية الأهمية في طريقك نحو قراءة أحداث الحياة.
فعليك بمراقبة التفاصيل في حياتك؛ فالتفاصيل عبارة عن رسائل محمولة إليك على ظهور الأيام.
إنها إشارات تحفزك أن تخرج من حالة (الكارما) المكيفة والمشروطة، أي من نموذج تفكيرك المألوف.
إن الحديث عن التفاصيل كرسائل مرمزة آلية تجعل الحياة تبدو كرواية غامضة.
ويمكنك ترقّب الأدلة والمفاتيح وفكّ شيفرة معانيها، وفي النهاية ستنكشف الحقيقة بطرق عديدة،وهذا بالضبط ما يحدث.
في نهاية المطاف، الحياة ليست إلا لغزاً غامضاً ولذيذاً معاً.
وهي بهذا اللغز الذي يُشكّل كينونتها؛ إنما تعطينا إشارةً للبذل والسعي الذي على الإنسان أن يشرع فيه لتحقيق مبتغاه.
الأمر الذي يجعل الحياة مليئة بالألغاز غامضة تتمثل بمصيرنا الذي يبدو خفياً علينا؛ ففي نهاية حياتنا فقط نكون في وضع يمكننا من النظر إلى الخلف لنرى المسار الذي اتبعناه.
وفي النظرة إلى الخلف تبدو رواية حياتنا منطقية تماماً، يمكننا أن نتتبع الاستمرارية التي جمعنا خبرتنا الحياتية بناء عليها.
حتى هذه اللحظة من حياتك – وبغض النظر عن عمرك الحالي – يمكنك أن تنظر إلى الخلف وتلاحظ كم كان طبيعياً انسياب حياتك من محطة إلى محطة تالية، ومن مكان أو عمل إلى آخر، ومن مجموعة من الظروف إلى أخرى، ومن رزمة من الظروف إلى رزمة أخرى مختلفة تماماً؛ لاحظّْ محدودية الجهد المبذول إذا ما قيض لك أن تعرف إلى أين يقودك طريق حياتك.
كثيرون ينظرون إلى الخلف ويسألون :
“ما الذي كان يقلقني؟ لماذا كنت قاسياً على نفسي، أو مسرفاً في التفريط في جانب ما من حياتي؟
وكأن لسان حاله يقول:
لو كان بإمكاني أن أعيش بمستوى الروح طيلة الوقت؛ لما كان هناك حاجة للإدراك المُتأخّر من أجل تقدير الحقائق العظيمة للحياة.
إن عبارة “تفاصيل ذات دلالة” تحمل تكرارية ومعلومات رائدة؛ لأن كل تفاصيل بالضرورة تحمل معنى، وإلا لما حدثت أصلاً.
فأي معنى تحمله تلك الإشارات؟
الجزء الأعمق في الإنسان يدرك ذلك، لكن ذلك الإدراك يجب أن يحضر إلى السطح.
إن المعنى لا يأتي من الإشارة ذاتها.
إنه يأتي من الإنسان ذاته.ذاك الذي يمر بالتجربة.
فنحن من يعطي الأحداث معناها، ونعطيها المعنى من خلال النية، فالتفاصيل الصغيرة رسائل تقودنا إلى مسارات فعل من أجل تحقيق أحلامنا ونياتنا.
عليك إذاً بدايةً أن تنوي، ومن ثم أن تتواصل مع ذاتك الروحية.
عندها يكون لديك مجال لاستخدام تلك الإشارة من أجل تلبية النية.
وكلام خير البشر صلى الله عليه وسلم يرشدنا نحو ذلك في حديث إنما الأعمال بالنيات.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي