الحارس الذي نام وسط المباراة!

كلما ارتقى الإدراك؛كلما زاد العقل رجاحةً وارتقى الذوق،وسمتْ الأخلاق،وأصبح الذكاء أكثر حدةً،وباتت التطلعات أكثر عظمة ونقاءً؛لذا فإنَّ توسيع مداركك بعلوم أسرار نفسك ونواميس الوجود من حولها؛سيوصلك إلى أعلى مستويات البهجة والسعادة في الحياة.
ومن هنا بات لزاماً علينا معرفة أنَّ العمليات العقلية تنتج عبر نمطين متوازيين من النشاط،أحدهما من الوعي،والآخر من اللاوعي.
يقول البروفيسور فيدسون:
“إن من يظن أن بإمكانه تفعيل نطاق كامل من النشاط الذهني عبر عقله الظاهر لا يختلف عمن يحاول إنارة الكون بمصباح صغير”
فالعمليات العقلية في اللاوعي تجري بدرجةٍ من الدقة والانتظام لا يمكن تحقيقها لو كان هناك أي درجة من احتمال الخطأ.
إن عقلنا مصمم بشكل يحضر لنا فيه أسس إدراكنا ووعينا،بينما لا نملك درجة كافية من فهم حقيقة أسلوب عمله.
فالعقل الظاهر لديه القدرة على التمييز،
ونتحمل مسؤولية الاختيار من خلاله.
وبمقدوره التواصل مع العقول الأخرى والتأثير عليها،ويمكنه أيضاً توجيه العقل الباطن؛وبهذا يصبح العقل الظاهر هو الحاكم المسؤول والحامي للعقل الباطن.
إن دور اللاوعي يكمن في أن يستنبط استنتاجات دقيقة وعادلة من معطيات خارجية،فإن كان المصدر صادقاً؛فسيصل اللاوعي إلى نتائج لا عيب فيها،ولكن إنْ كان المصدر أو الإيحاء خاطئاً أو باطلاً؛فسيتداعى الهيكل برمته.
فالعقل الباطن لا يشارك في عمليات التحقُّق من صحة ما يصله من معلومات،بل يوكل هذه المهمة بشكلٍ كلي إلى الوعي “العقل الظاهر أو الحارس عند البوابة”.
وبالتالي يكون العقل الظاهر منتبهاً في وظيفته في كل لحظة،ولكن عندما يكون هذا ” الحارس” غافلاً ،أو عندما تكون قراراته مشوشة أو معطلة لأي سبب كان؛يصبح عندها العقل الباطن مكشوفاً،ويكون الباب مفتوحاً للإيحاءات والمعلومات من شتى المصادر،صحيحة كانت أو باطلة.
ولذا على الإنسان أن يكون مُدّرِكاً لأهمية أن يكون هذا الحارس في كامل يقظته وتمام انتباهه،وإلا أمسى كالحارس الذي غفا وسط المباراة،واستقبلتْ شباكه العديد من الأهداف.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *