نُشَكّلُ كلنا كينونةً واحدة بوجهات نظر مختلفة.
“أنا هو ذاك الشخص” يتضمن النظر إلى كل شيء في العالم، والتأكد بأننا ننظر إلى نسخة أخرى من ذواتنا.
لذا علينا أن نعي أننا كلنا مرآة للآخرين، وأننا نرى أنفسنا في انعكاس الآخرين.
وهذا ما يسمى بمرآة العلاقة.
إن تنمية العلاقات عبر منظور هذه العلاقة يُعدُّ مهارة حياتية مهمة في سبيل فهم أنفسنا ومن حولنا،وأداة للتطور الروحي.
وعبر مرآة العلاقات نكتشف حالات وعي ممتدة.
فمن نحبهم ومن ينفرون منا ليسوا إِلَّا مرآة لأنفسنا.
فعادةً ننجذب إلى أولئك الذين يحملون الصفات ذاتها، ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. فنحن نريد أن نكون بصحبتهم؛ لأننا نشعر بشكل لا شعوري بأن قيامنا بذلك قد يظهر المزيد من صفات التشابه أيضاً. وللأسباب ذاتها ينفر منا أناس يعكسون بمسلكهم صفات نستنكرها في ذاتنا أيضاً. فإذا كانت لديك ردة فعل سلبية تجاه شخص ما، تأكّدْ من أن ذلك الشخص يملك صفات تماثل صفات لديك، وهي صفات لا تحبذها. فإذا كنت راغباً بقبول تلك الصفات؛ فلن تزعجك هذه الصفات.
إنه باعترافنا بأننا نرى أنفسنا بالآخرين؛ فإن كل علاقة تصبح أداةً في تطور وعينا.
وفي المرة القادمة عندما تنجذب إلى شخص ما، اسأل عما جذبك إليه.
عليك أن تعرف، أنه مهما كان عامل الجذب فإنه يزدهر ويتفتح عندك أيضاً. والشيء ذاته ينطبق على أولئك الذين ينفرن منك.
إن الطبيعة الأساسية للحياة تكمن في تعايش القيم المتناقضة.
فلن تكون شجاعاً إنْ لم يوجد الجبان في داخلك. ولن تكون كريماً إنْ لم يتوفر ذو اليد المقبوضة بداخلك. ولن تكون فاضلاً ما لم تحتوي جزء الشر الذي بداخلك.
إننا نمضي معظم حياتنا في حالة إنكار لذلك الجانب المظلم في أنفسنا، ونخلص إلى إسقاط تلك الصفات على الآخرين ممن نعرفهم.
هل تعرف أناساً تبدو مهمتهم في الحياة هي جذب السيئين إلى حياتهم.
لا يدرك هؤلاء عادةً لماذا يحدث ذلك في حياتهم المرة تلو الأخرى. فالحقيقة لا تكمن بأنهم يجذبون تلك الظلامية، لكنها تكمن في عدم اعترافهم بذلك الشيء داخل أنفسهم ذاتها.
فأن تجد شخصاً لا تحبه هو فرصة لتقبل مفارقة تعايش المتناقضات، ولكشف وجه جديد لنفسك.
وهذه خطوة أخرى باتجاه تطوير نفسك الروحية .
إن أكثر الناس استنارة في العالم هو المحتضنون لكلية أنفسهم النورانية والظلامية الكامنة.
فعندما نكون مستعدين لتقبل جوانب النور والظلام في أنفسنا؛ يمكننا البدء بشفاء أنفسنا وعلاقاتنا، وأن نرى أنفسنا في مرآة تلك العلاقات.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي