لماذا نتذكر الحزن أكثر من الفرح؟

يأتي الوعي كأحد أهم المهارات الحياتية التي يحتاجها الإنسان، وتكمن أهميته في توظيفه كأداةٍ جوهرية في الإمكانية الكبيرة التي يوفرها لصاحبه من حياةٍ طيبة تنعم بالسلام والطمأنينة والحب والجمال.
ومن ذلك الوعي، وعي الإنسان بكينونة سعادته والطرق المؤدية إليها مُسّتَشّعِراً في تفاصيل تلك الطرق بهجة وسعادة الرحلة ذاتها. ومن هنا تأتي ضرورة امتلاكنا الوعي بسعادتنا.
وحتى يكون الإنسان سعيداً؛ عليه أن يكون واعياً بهنائه وبتلك الميزة والهبة التي تُمثّلها لحظات سعادته.
بَيْدَ أنَّ الدراسات النفسية قد أظهرت أننا أكثر وعياً بالأحداث السلبية مقارنةً بالأحداث الإيجابية، فالتجارب السلبية تُؤثر فينا أكثر ونتذكَّرها أكثر من غيرها.
وقد يكون من المحتمل أن تكون هذه الحقيقة على علاقة بعلم النفس التطوري الذي يؤكد على أنه في صراع البقاء يكون تذكُّر ومعرفة مكمن الخطر (لإيجاد طريقة لتفاديه) أكثر أهمية من تذكُّر حدث سعيد.
ولذلك من المهم امتلاكنا للوعي بسعادتنا عندما نعيش لحظةً عذبة، لطيفة، فرِحة، وتفاصيل مُبِهِجة؛ وبذلك يُمكننا أن نحصل على كامل حصتنا من تلك اللحظات ونعيشها أطول فترة ممكنة؛ حتى تتمكن من التمدُّد داخل أرواحنا وملامسة شغاف قلوبنا.
إنه إذا كانت سعادتنا تعتمد على كثيراً على قدرتنا على العيْش في اللحظة الراهنة؛ فإنها تعتمد أيضاً على قابليتنا على تذكُّر اللحظات السعيدة.
بينما يجعلنا تَسَكُّع الذهن في الماضي تعساء عندما يستعيد الذكريات الحزينة ومشاعر الذنب والندم، لكن عندما نُهذّب الذهن على تذكُّر لحظات الفرح؛ فإنه يجتاز طريقاً فريداً للسعادة عندما يستخرج من الماضي لحظاته السعيدة.
وذلك أن السعادة تتغذّى على وعيها بكونها سعيدة، ولو تم تفعيل عمل هذا الوعي في الحاضر؛ فإنه يُحَرّك الذهن ليستحوذ على مساحةً واسعة من الفرح ويعالج ذكريات الماضي.
وهكذا تُظّهِر التجربة أن امتلاكنا الوعي بحالتنا بالرضا يُسهم في زيادة سعادتنا، فنحن حين نتلذذ بهنائنا؛ فإن ذلك يُجذّرُ فينا الإحساس بالامتلاء، ويجعله في حالة تدفُّق وجريان دائمين داخل أوردة حياتنا.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “لماذا نتذكر الحزن أكثر من الفرح؟

حكيمة الجمعان

الوعي الواعي ..هو جوهر الروح الذي تمتلكه القدرات النفسية لتحمّل كل ما يطرأ على الإنسان من أحداث
لتخطّي لحظات الحزن ولتتلاشى سريعًا دون أن تُحدث خلل أو تصدّع وجداني يُنهك النفس!
طبيعتنا في الحياة أننا نتمسك بالحزن أكثر..لوقت طويل
ننهك جسدنا وعقلنا، مما يجعل مشاعِرنا متعبة و شبه منتهية تمامًا! ولهذا نحن بحاجة إلى الزيادة من ثقافة الوعي
لنحيي الروح الإيجابية فينا، وندفع أنفسنا نحو التمسك بالسعادة؛ نتذوقها جيًدًا لتضفي عليها رونقًا جميلاً من البهجة.
سلم نبض القلم الواعي دكتور سليمان

عمر المصلحي- ماجستير توجيه وإرشاد نفسي

لقد أثرت موضوعاً في غاية الأهمية أيها المستشار البارع
فعلاً
تذكر الحزن ومكامن الألم ( الخبرات غير السارة ) نتذكرها أكثر من الفرح والسعادة
فهل تفسير ذلك يرجع إلى دور الأنا في محاولة عدم إظهار الحزن بصفة كلية ومحاولة إزاحة الجزء الأكبر منه إلى مخزن أو خندق العقل الباطن ؛ لمحاولة التوازن وتقليل الصراعات التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية في حال رجحان كفة أحدها على الآخر .
بعكس السعادة ؛ لأنها تعطى مساحة دون قيود للشعور بها وترضي جوانب الشخصية الثلاث ( الهو / الأنا / والأنا الأعلى ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *