الفيل الذي عَضَّ صاحبك!

سأل المتحدث البارع جويل ويلدون الجمهورَ في ثنايا حديثه الذي كان بعنوان (الفيلة لا تعضّ) ما إذا كان سبق أن قرصهم بعوض، أو حشرة صغيرة؛ رُفعَت أيدي الجمهور كله تقريباً،ثم سألهم:
هل سبق أن تعرض أحدهم لعضة فيل؟
فلم ترتفع أيادٍ هذه المرة، فقام ويلدون بتوضيح مقصده، وهو أن صغائر الأمور هي التي تنال منك،وليس كبائرها.
فحين تجد نفسك منزعجاً بدرجة كبيرة عندما لا يتم تحضير قهوتك بالسرعة والكيفية المطلوبة؛ ستعرف ما كان جويل ويلدون يتحدث عنه.
معظمنا يعيش وكأنَّ الأمور الكبيرة في الحياة هي ما تخرجنا من اللعبة، كالفراق، أو الطرد من العمل، أو فقْد فرصة وظيفية، أو الدخول في عراك شديد مع شريك الحياة، أو عدم القدرة على الوفاء بالتزامات مالية.
في حين لو أننا أمّعنّا النظر؛ لوجدنا أنَّ تلك الأمور الكبيرة هي في الواقع الأسهل من حيث التعامل؛ لأننا نعرف أنها موجودة، وبالتالي يمكن لنا التعامل معها بالطريقة التي نراها أنها الأنسب.
بينما نجدُّ أنَّ أكثر ما يستحوذ على انتباهنا، ويبدأ في أخذْنا إلى أمكنةٍ سيئةٍ هي تلك التصورات الذهنية الصغيرة، ورغباتنا التي تتسلل إلينا خِلسةٍ دون وعيٍّ منا، وتظل تمتصُّ من طاقتنا، في الوقت الذي انشغلنا فيه بتوقعنا بحدوث أمر جلل.
فإذا وجدت نفسك تهتم كثيراً بحصولك على قهوتك بسرعة وكيفية محددة، أو حصولك على مقعد معين في رحلتك، أو تلبية طلبك والرد عليه بسرعة متناهية؛ فاعلم أنّ صغائر الأمور قد تمكّنتْ منك، وفتكتْ بك، وأن الفيل الذي عَضَّ صاحبك ما هي إلَّا إحدى الخرافات التي صدَّقها صاحبك في الوقت الذي انشغل فيه عن حماية ووقاية نفسه من الحشرات الصغيرة التي عَذّبتْه بِقرْص جسده.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “الفيل الذي عَضَّ صاحبك!

حامد العباسي

لله درك ودر فكرك وقلمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *