الرقص تحت المطر!

العبارة المشهورة ذائعة الصيت والتي سرتْ بها الركبان “الرقص تحت المطر” عبارةٌ ذات دلالة عميقة المعنى يسبرُ معناها من فتح الله عليه في قراءة المعاني المخبوءة في ثنايا العبارات.
إنَّ الحياة لا تأتي كما نريد في كل مرة، لكن الإنسان يظل في مكابدة عظيمة لتحوير ظروفها لمصالح أهدافه التي يسعى إليها.
كما أنَّها لا تأتي وفق أهوائنا، بل في كثير من الأحيان تبدو وكأنها في حالة مواجهة لراحتنا وهناء قلوبنا.
ولعل مقولات الفيلسوف إيبكتيتوس تُذكّرنا أن صفاء الإنسان واستقراره هما نتيجة اختياراته وأحكامه، لا ظروفه وما يواجهه من صعاب في حياته.
وعلى هذا، إذا كنت تسعى لتجنُّب مصادر الإزعاج والفوضى طلباً لراحة بالك؛ فإنَّ الذي ستنجح في الحصول عليه يكاد ينحصر في تلافي القوى الخارجية وجيوش الظروف، لكن الذي سيظل ملازماً لك ذلك القلق الداخلي الذي يقضُّ مضجعك، والتوتر الذي يُنفّر النوم من عينيك.
وهذا يعني أن مشكلاتك ستلحق بك أينما يممت، أو نشدت الاختباء.
وبناءً على هذا المعنى؛ فإنه بدلاً من البحث المُضْني في الاختباء، أو توجيه بوصلة جهدك في تَجنُّب مواجهة تلك الجيوش الغازية لديار راحتك، يمكنك أن تتعلم مهارة الرقص تحت المطر؛ فالحياة لا تتنظر عبور عاصفة المطر.
كذلك يمكنك أن تعمل على اكتساب القدرة في أنْ تكون ذلك الإنسان الذي يتحكم ويدير الإجهاد النفسي عبر استجابةٍ واعية.
وعندها لن تحتاج -مع أهميتها- إلى معالجة القلق الذي يساورك عبر الارتحال إلى طبيعةٍ ساحرة، أو مناظرٍ آسرة؛ حتى تكون في حالة سلام وأمنٍ نفسي.
وللوصول إلى هذا المُبْتَغى، عليك أنْ تُعيّد صياغة تشكيل نظرتك واستجابتك إلى الأمور بطريقةٍ واعية وبصيرةٍ نافذة.
فمن شأن هذه الطريقة، وتلك البصيرة أن تمنحك إدراكاً عميقاً بأنَّ ما عليك ليس أنْ تطلب حياةً يسيرة خالية من الصعاب، بل كل ما عليك فعله أن تكون إنساناً جسوراً يتحمّل حياةً مليئةً بالصعاب.
عندها سيكون بمقدورك الاستمتاع بالمطر حتى وإنْ كان عاصفاً، بل ودعوة من حولك لتجربة رقصة الحياة بمعية المطر.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “الرقص تحت المطر!

ثريا دهلوي

الله أستاذ ابداع ماشاء الله كلمات من ذهب انا لا ارقص تحت المطر بل تحت كلماتك المبدعة وأسلوبك الرائع دمت ياسيدي
مبدع دائما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *