التَّذمُّر الفاعل، والتَّذمُّر القاتل!

يُحكى أنَّ حكيماً يقصده الناس؛ ليُعلّمهم الحكمةَ، وكان يطلب منهم -كل عام- وصف الحياة في كلمتين فقط.
ذات يوم طلبَ الحكيمُ من أحد مريديه كلمتيه، فأجاب: “الحياة صعبة”!
وبعد مرور عام سُئِل ذات الرجل عن كلمتيه، فقال:
“قهرتني الظروف”!
وحين جاءه في عامه الثالث، أعاد عليه الحكيم طلب وصف حياته في كلمتين، فقال:
“أنا تعبت”!
حينها أجابه الحكيم بقوله:
“حسناً، يمكنني معرفة السبب.. إنَّ كُلَّ ما تفعله في حياتك هو التَّذمُّر” انتهى كلامه.

إنَّ التَّذمُّر لا يحقق لك شيئاً سوى أنه ينهش في جسد حياتك، وينال من قوتك وعزيمتك ومحبتك للحياة.
ولذلك إمَّا أنْ تفعل شيئاً لتصحيح الأمر الذي تتذمر منه، أو تَدعّه وتكفَّ عنه.
فعلى الإنسان أن يتفكّر في الأمور التي تُثيّر تذمُّره كل يوم ( أحوال الطقس، الازدحام المروري، الأبناء، كثرة أعباء العمل، غلاء الأسعار، فضول وتطفُّل الناس، …)
والقائمة تطول، إلَّا أنَّ الضابط لها هو الكيفية التي نتعامل بها مع هذه القائمة اليومية، ومدى فاعليتنا في إحداث تغيير فيها.
ولتوضيح ماهية التَّذمُّر، فإنَّ الأمر ليس مجرد شخص ينتقد أو يتشكّى من أمرٍ ما.
فمن حقك أن يكون لك رأي حول الطريقة التي تَودُّ أنْ تُعَامل بها مثلاً.
فثَّمّةَ تَذَمُّر فاعل يمتلك فوائد تعود على صحتنا النفسية، فأنت تشعر بالرضا عندما تُبْدي تذمُّرك من سوء الخدمة المقدمة لك، ويتم معالجتها من قبل الموظف المختص مثلاً.
أمَّا عندما لا تفعل شيئاً تجاه ذلك سوى ملء زوايا المجالس، أو حشو القروبات بالتّشكّي والتَّظلُّم؛ فذلك التَّذمُّر عينه.
وهذا التَّذمُّر يُعدُّ قاتلاً لسلامنا وراحتنا، فهو لا يصبُّ في مصلحتنا، ولا يُساعدنا في التَّخلُّص مما يزعجنا، ولا يُعيّننا في تَعَهُّد ما يُغذّينا بمباهج الحياة، فضلاً عن ذلك، فإنه يُمكنه تنفيّر الناس منا، ويجعلهم يزهدون في صحبتنا ومجالستنا.
يقول عالم الفيزياء ستيفن هوكينج:
“لن يمنحك الناس وقتهم إنْ كنت دائم الغضب أو التَّذمُّر”.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “التَّذمُّر الفاعل، والتَّذمُّر القاتل!

ابو تركي

مقال – عمق المعنى فيه حمل الحروف فوق مستوى السطر ليستقر في العقل ، فالوقاية خير من قنطار تذمر

وهيبة عمر

رؤية عميقة لواقع مشاهد في يوميات البشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *