التَّقبُّل مهارةٌ حياتية مهمة، وهو لا يعني الاستسلام، بل فهْم أن الأمر باقٍ على حاله، وأنه يمكن العثور على طريقةٍ لاجتيازه.
إننا إنْ لم نتقبّل الأمور كما هي، ولم ندرك أننا لا نستطيع تغيير الآخرين كما نريد؛ سنعيش تحت وطأة اللهث وراء العثور على سعادتنا كل يوم.
علينا هنا أن نعي أن كل ما في وسعنا فعله هو أن نكون قدوةً لهم لما نرغب أن يكونوا عليه.
فإذا كنت غير راضياً عن مكانك الآن،أو عن الحال التي أنت عليها؛لن تكون سعيداً إنْ كنت تريد للمواقف أن تكون على غير ما هي عليه.
إن الإجهاد النفسي ينّجمُ عن كونك هنا في حين أنك راغب في أن تكون هناك، أو عن كونك في الحاضر في حين أنك راغب في أن تكون في المستقبل.
فنحن عندما لا ننساب بحريةٍ مع تدفُّق الحياة في اللحظة الراهنة؛ فإن هذا يعني تمسُّكنا بلحظة ماضية.
ويمكن أن تكون هذه لحظة ندم، حزن،خوف، رغبة في الانتقام.
وتأتي كل حالة من هذه الحالات من حَيّز عدم قدرتنا على التسامح، الذي هو عبارة عن رفْض التَّخلّي، وعدم نجاحنا في عيْش اللحظة الراهنة.
ولعلَّ الذي يُعيّدنا إلى حالة الانسياب هو تَقبُّل الحياة كما هي لا كما نريد.
فمثلاً،يمكنك التعبير عن رأيك بشأن الأمور التي تسير خلاف ما تريد، ولكن إذا لم يحدث التغيير الذي تريده بعد بذْل كل الأسباب الممكنة؛ عليك بتقبُّل الوضع والمضي قُدماً.
فأنت مثلاً إنْ لم تتمكن من تغيير صفة معينة في شريك حياتك، لا تفكر في تغيير هذا الشريك،أو التَّخلّص منه، بل يمكنك بكل بساطة أن تتقبل شريكك كما هو، وتبدأ في تغيير الطريقة التي تنظر بها إليه.
وهذا الأمر يمكن قياسه على كافة جوانب الحياة.
إنَّ أحد المفاتيح الأساسية للاستمتاع بالحياة، هو تَولّي زمام أمورك عبر تقبُّل ما هو كائن.
فحتى تكون راضياً، وتحظى بيوم مُبْهِج؛ يمكنك أن تتقبّل الناس كما هم، والأحداث كما هي، وليس كما تريدها أن تكون.
وهذا لا يتأتّى لنا إلَّا بوعينا العميق بفن التَّقبُّل.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي