هل غدونا لا نعرف فضل غيرنا إلَّا عند فقده؟
هل زهدنا في التعبير عن مشاعر حبنا وتقديرنا لأحبتنا؟
أم أننا ننتظر ساعة منيتهم،وبعد أن يطويهم الرَّدى؛ حتى نبدأ في التباكي وذكْر محاسنهم؟
أم أننا نكون أكثر براعةً في استعمال أفعل التفضيل فقط بعد رحيلهم؟
أم أننا لا نجد في أنفسنا إلَّا ذكْر معايبهم عندما يكونون بيننا وعلى قيد الحياة؟
أم أننا قوم نبرع في فنون الرثاء، ونزهد في فنون الحياة؟
وكأننا أُصبنا بمتلازمة “لا فضل لأحدٍ إلَّا بعد موته”؛ وبذلك شرعتْ نفوسنا تقتات على هذه الثقافة التعيسة، وتشرّبتْ من ماء هذا المفهوم البائس.
أم أننا ممن يدخرون الشكر والامتنان طويلاً، يكتنزونه، يبخلون به على الأحياء، فإذا ما رحلوا وغادروا دنيانا، وفجعونا برحيلهم؛ نطقتْ حروفنا بالشكر والفضل والحب لموتانا.
أيها الناس، قولوا لأحبتكم حُسْناً، قولوا لهم بعض ما تكنزونه لهم في أيام عزاهم.
أيها الناس، لماذا تقترون وتمنعون ماعون فضلكم، وحبكم لأحبتكم؟
لماذا تفترسكم الأنانية وتنهشكم الأثرة؟
فلو كان من أهلكم ومعارفكم عالِماً جليلاً؛ أكرموه، وإنْ كان نجيباً؛ قدِّروا له نجابته، وإنْ كان وجيهاً نبيلاً؛ فاعتبروا لوجاهته ونبْله.
أيها الناس، اشرعوا في كتابة محبتكم، وأعلنوا في الفضاء ودكم، وامنحوا شركاء حياتكم حبكم واهتمامكم، ومدُّوا بينكم جسور الود والرحمة؛ تسعدوا ويسعد بكم أحبتكم.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي