يبدو أنَّ الخوف قرين الإنسان منذ ولادته، ففي طفولته كان يخشى من السقوط من الأماكن المرتفعة، والصوت العالي، وفي مراهقته يخاف من عدم تقدير الآخرين له، وهكذا يظلُّ الخوف مُلازِماً له في أغلب مراحل حياته.
ويبدو أنَّ الخوف يسري في جهلنا وفي علمنا، وفي نومنا ويقظتنا.
فَثَمَّةَ خوف في كل مسلك من مسالكنا،وفي كل خاطرة وفي كل فعل.
إنَّ الخوف يبدو وكأنَّه قد خُلِقَ في وعينا.
صحيح أنَّ هناك أشكال عديدة من الخوف، بَيْدَ أنَّ الخوف هو واحد فقط.
تعددتْ الأشكال والخوف واحد.
وفي جِذْر كل خوف يكمن احتمال أن يخسر الخائف، أو يفقد شيئاً ما.
وبالتالي يتواصل جهد الإنسان طوال حياته للخلاص من قلق هذا الخوف.
ففي الأصل أن كل الجهود التي يقوم بها الإنسان هي لتفادي وتجاوز حالة اللَّا أمن هذه.
وعلى الرغم من كل هذا اللهث والعناء طوال حياة الإنسان؛ ينتهي السباق والعناء، ويبقى اللَّا أمن على حاله.
ذلك أن ما يفعله الإنسان، فإنه يرتدُّ ضِدّاً على الغاية ذاتها التي من أجلها فعلَ ما فعل.
وهنا تبرز أهمية الوعي بحسن التوكُّل على الله، والذي بدونه تكون كل الجهود التي اُتَّخِذتْ جهلاً من أجل بلوغ أمن الحياة تُفْضِي بصاحبها إلى عكس مُبْتَغاه، والدرب الذي سار فيه على أمل أن يُوُّصله إلى حالة اللّا خوف يقوده إلى الخوف في واقع الأمر.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي