ترويض حيوان اجتماعي!

منذ ما يقرب من خمسة وعشرين قرناً، وصف أرسطو البشر بأنهم حيوانات اجتماعية.
وكما جاء في كتاب (السعادة هي المشكلة) لبيدرو فيفارا، إنَّ العيْش في منظومة اجتماعية هو خاصية تمنحنا ميزة تكيفية كنوع، ونتج عن ذلك العيْش العديد من الإنجازات التي حققتها البشرية، كالكتابة والطب. ومع ذلك فهي مسؤولة أيضاً عن أعمق مآسيها، كالحرب والفقر.
لقد تطورنا كنوع، وتمكنا كبشر من إيجاد القنوات والوسائل لجعل التواصل أسرع وأفضل داخل نوعنا.
ومع ذلك، لا يزال العديد من الناس يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، أو قول “شكراً”، أو طلب الأشياء بطريقة مهذبة.
وبالرغم أن لغتنا ترافقنا منذ قرون؛ فلا يزال ينقصنا الكثير من القدرة على إيجاد كلمات الشكر، ومفردات أنيقة تعبر عن مشاعرنا.
ولعلَّ هذا القصور يتجلّى في أحد أبرز تمظهراته في حواراتنا، أو تعاملنا مع منهم أقل مكانة ومنصباً حسب تصورنا.
ومثال ذلك، عندما يقدم لنا مقدم الخدمة في مطعم، أو شركة ما طلبنا ويكون دون المأمول؛ هنا يمكن لنا القبول به تحاشياً من الوقوع في صدام مع مقدم الخدمة.
وهذه الاستجابة يمكن وصفها بأنها سلبية.
أو نكون على موعد مع الخيار الثاني، حين يُطلُّ الوحشُّ الذي بداخلنا، وتتكشّف شخصيتنا العدوانية.
وهو خيار يفتقد للكثير من اللباقة والأدب.
وبالتالي يمكننا تهذيب أنفسنا، والعمل على ترويض حالة التَّوحش عبر تنبيه مقدم الخدمة بأنه ارتكب خطأً، ويجب عليه معالجته.
وحتى نتمكن من التخفيف من حدة التَّوحش، وترويض ذلك الوحش الذي سيعبث بنا، وينال من علاقاتنا؛ يمكننا تَعَلُّم بعض المهارات الاجتماعية مثل: حُسن الإصغاء، والتَّفهُّم العاطفي، والتعاطف، وحمْل أنفسنا على رؤية الخير والجمال في الناس، والتَّسلُّح بالصبر على أذاهم.
وهذه فضائل عظيمة إنْ تمكنّا من امتلاكها والتَّخلُّق بخصالها؛ تمكنّا من ترويض الوحش الذي بداخلنا.

سليمان مسلم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *