يُحكى أن ابناً عصبي المزاج أراد والده أن يهذبه، فأعطاه كيساً من المسامير، وأخبره أنه في كل مرة يفقد فيها صبره؛ عليه أن يدقّ مسماراً في جدار غرفته.
في اليوم الأول دقّ الابن 37 مسماراً.
وفي الأيام التالية، عندما تعلّمَ التحكم في أعصابه؛ كان يدقُّ أقل في كل مرة.
اكتشف الابن أن السيطرة على نفسه أسهل من دق المسامير على جدار غرفته.
وعندما جاء اليوم الذي تمكّن فيه الابن من السيطرة على أعصابه طوال اليوم؛ اقترح والده عليه أن ينزع مسماراً عن كل يوم ينجح فيه من ضبط أعصابه.
وهكذا مضت الأيام، واستطاع أن يعلن لوالده أنه لم يعد هناك أي مسمار على جدار غرفته.
هنا أمسكَ الوالد ابنه من يده واتجه به صوب جدار غرفته وقال:
لقد عملت بجد يا ولدي، ولكن انظر إلى تلك الندوب في الجدار، إنها لن تعود كما كانت مرة أخرى.
إنك في كل مرة تفقد صبرك، تصنع ندوباً مثل التي تراها على الجدار.
إنه يمكنك إهانة شخص ما والاعتذار، لكن بعد أن أحدثت داخله ندوباً ستظل معه زمناً طويلاً.
وبشيء من التَّبصُّر والتَّدبُّر لمغزى هذه القصة؛ يمكن لنا أن نسلك سبيلاً فسيحاً نحو التَّحلّي بفضيلة الصَّبر من خلال تدبُّر النصوص القرآنية الكريمة والنبوية الشريفة الواردة في فضْل الصَّبر، وممارسة رياضة التَّامُّل الذاتي الذي يُفْضي إلى المراقبة الواعية لسلوكياتنا عندما يتملّكنا الغضب، وتفقد رجاحة عقولنا بوصلة الطريق نحو الصَّبر، والعمل على دفْع النفس وتهذيبها وحمْلها على التَّخلُّق بفضيلة الصبر، والوعي العميق بأن إدراك هذه الفضيلة لا يتأتى بين عشيةٍ وضحاها، بل أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة عظيمة لا ينالها إلَّا من كانت همته عظيمة وروحاً سامية.
سليمان مسلم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي