تتجاذب الإنسان قوى عديدة، بل وتنازعه في تيسير أمور حياته.
وتظلُّ قوة غامضة تتمدد داخل تفاصيل حياتنا، وتُمسك بكل سطوتها على مفاصل توجهات أمورنا.
هذه القوة الغامضة التي تدمر أفضل جهودنا حينما نكون على حافة الانتصار.
وأكثر آثار هذه القوة الغامضة أنه يُشكّلُ داخلنا -عبر الزمن- تياراً معارِضاً دون أن نشعر به؛ فتأكل نارُه أخضرَ إنجازاتنا، وتُعيّدنا مرةً ثانيةً إلى حيث بدأنا أول مرة؛ حيث يستمر هذا التيار الخفي في جذْبنا إلى الخلف.
ومثال ذلك، قد تلتزم بخطة مُزمّنة لإنجاز عملٍ ما، وتقطع فيه شوطاً كبيراً، ثم تمرُّ بأيامٍ مضطربة وظروفٍ عصيبة تجعلك تفقد ما تم إنجازه في فترة سابقة.
إنه حينما نكون تحت تأثير قوة هذا التيار المعارِض؛ نرجع لسيرتنا الأولى من عاداتٍ مُدمّرة لذواتنا، وكأننا لم نتقدم خطوةً واحدة نحو تحقيق أهدافنا، بل نقوم بالشروع في اتخاذ قرارات ضارة بنا دون وعيٍّ منا، وهذه واحدة من القوى الكامنة وراء التيار المعارِض، حيث أنه من الصعب التغلب على العادات السلبية؛ لأنها متجذرة فينا ومحفورة في أدمغتنا، فهي لا تختفي عندما نقوم بممارسة سلوك أفضل، لكنها فقط تتوارى وتصدأ؛ ولذلك من السهل إحياؤها.
والخطأ الفادح الذي نقع فيه إننا لا نهدم المسارات القديمة للعادات السلبية عندما نبني مسارات جديدة، لكننا نتركها تصدأ في مكانها.
إنه لا يمكننا التغلُّب على هذا التيار المعارض بالقيام فقط بما نعرف، بل علينا تغيير بعض الافتراضات الأساسية عن أنفسنا، ومحاولة تعديل بعض العادات التي لم ندرك بعد أنها جزء من المشكلة.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي